ذلك أنّ الآية تختصّ بالحكومات الإلهيّة ، أو أنّها تقتصر على حكومة رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم التي أنهت حكم جبّاري قريش.
ولكن الآية تطرح في الواقع مفهوما عامّا يقضي أنّ جميع الحكومات الصالحة وغير الصالحة مؤطّرة بقانون مشيئة الله ، ولكن ينبغي أن نعلم أنّ الله قد أوجد مجموعة من الأسباب للتقدّم والنجاح في العالم ، وأنّ الاستفادة من تلك الأسباب هي نفسها مشيئة الله. وعليه فإنّ مشيئة الله هي الآثار المخلوقة في تلك الأسباب والعوامل. فإذا قام ظلمة وطغاة ـ مثل جنكيز ويزيد وفرعون ـ باستغلال أسباب النجاح ، وخضعت لهم شعوب ضعيفة وجبانة ، وتحمّلت حكمهم الشائن ، فذلك من نتائج أعمال تلك الشعوب وقد قيل : كيفما كنتم يولّى عليكم.
ولكن إذا كانت هذه الشعوب واعية ، وانتزعت تلك الأسباب والعوامل من أيدي الجبابرة وأعطتها بيد الصلحاء ، وأقامت حكومات عادلة ، فإن ذلك أيضا نتيجة لأعمالها ولطريقة استفادتها من تلك العوامل والأسباب الإلهيّة.
في الواقع ، أنّ الآية دعوة للأفراد والمجتمعات إلى اليقظة الدائمة والوعي واستفادة من عوامل النجاح والنصر ، لكي يشغلوا المواقع الحسّاسة قبل أن يستولي عليها أناس غير صالحين.
خلاصة القول : إنّ مشيئة الله هي نفسها عالم الأسباب ، إنّما الاختلاف في كيفية استفادتنا من عالم الأسباب هذا.
في الآية التالية ولتأكيد حاكمية الله المطلقة على جميع الكائنات تضيف الآية :
١ ـ (تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَتُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ) ....
وبهذا تذكر الآية بعض المصاديق البارزة على قدرة الله تعالى ، ومنها مسألة التغيير التدريجي للّيل والنهار ، بمعنى أن الليل يقصر مدّته في نصف من السنة ، وهو