في الجواب نقول : إنّ خلقا مصحوبا بنظام سليم يستتبع بالضرورة مثل هذا التفاضل،فتأمّل جسم الإنسان ـ مثلا ـ مخلوق منظّم ، وللحفاظ على هذا التنظيم لا بدّ من الاعتراف بالتفاضل بين عضو وعضو ، إذ لو كانت جميع الخلايا في جسم الإنسان تشبه في لطافتها خلايا شبكية العين ، أو تشبه في صلابتها وقوّتها خلايا عظام الساق ، أو تشبه خلايا الدماغ في حساسيّتها ، أو تشبه خلايا القلب في حركتها ، لا ختلّ حتما نظام الجسم. ذا لا بدّ من جود خلايا مثل خلايا الدماغ لكي تتولّى إدارة سائر أعضاء الجسم وعضلاته ، وخلايا العظام المتينة لتحفظ استقامة الجسم وخلايا الأعصاب الحسّاسة للتسلّم أبسط الإيعازات ، والخلايا المتحرّكة لتخلق الحركة في الجسم.
ما من أحد يستطيع أن يقول لماذا ليس الجسم كلّه دماغا؟ أو في النباتات ، لماذا لا تكون الخلايا كلّها بلطافة خلايا أوراق الورد؟ إنّ حالة كهذه ستهدم بناء النبات وتعرضه للفناء.
النقطة المهمّة هي أنّ هذا التميّز الذاتيّ الضروري لإيجاد بناء منظّم ليس بسيطا ، بل هو مصحوب بمسؤولية عظيمة ، هذا «الامتياز» وهذه المسؤولية الثقيلة نفسها تحفظ توازن كفّتي ميزان الخلق. أي أن نسبة تميّز الأنبياء على سائر البشر تتناسب مع أهميّة المسؤولية التي يضطلعون بها. كما أنّ الاختلاف في تميّز الآخرين يتناسب مع مسئولياتهم.
فضلا عن ذلك فإنّ التميّز الذاتي لا يكفي للاقتراب من الله ، بل لا بدّ معه من التميّز المكتسب.
في الآية بعض النقاط ينبغي ذكرها :
١ ـ ليست الآية بصدد ذكر جميع الذين اصطفاهم الله ، بل تعدّد بعضا منهم ، فإذا لم يكن بعض الأنبياء من بين هؤلاء ، فلا يعني ذلك أنهم ليسوا مصطفين. ثمّ إنّ