العظيم ، والمقصود بالحياة هنا هي الحياة المادّية والحياة المعنوية في نور الإيمان ومقام النبوّة والارتباط بالله. هذا الاسم قد اختاره الله له قبل أن يولد ، كما جاء في الآية ٧ من سورة مريم (يا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا) ومن هذا يتبيّن أيضا أنّ أحدا لم يسبق أن سمّي بهذا الاسم.
قلنا فيما سبق أنّ زكريّا طلب من ربّه الذرّية بعد أن شاهد ما نالته مريم من عطاء معنوي سريع. وعلى أثر ذلك وهب الله له ولدا شبيها بعيسى بن مريم في كثير من الصفات :في النبوّة وهما صغيران ، وفي معنى اسميهما (عيسى ويحيى كلاهما بمعنى البقاء حيّا)،وفي تحية وسلام الله عليهما في المراحل الثلاث : الولادة ، والموت ، والحشر وجهات اخرى.
٣ ـ في هذه الآية يصف زكريّا شيخوخته بقوله (وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ) ولكنه في الآية ٩ من سورة مريم يقول (وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا). فالعبارة الأولى تعني أنّ الكبر قد وصلني والثانية تعني أنّي وصلت الكبر ، ولعلّ هذا الاختلاف في التعبير يعود إلى أنّ الإنسان ـ كلّما تقدّم نحو الكبر ـ يتقدّم الكبر والموت نحوه أيضا. كما قال عليّ عليهالسلام«إذا كنت في إدبار والموت في إقبال فما أسرع الملتقى»(١).
٤ ـ «الغلام» الفتى الذي طرّ شاربه. و «عاقر» من «عقر» بمعنى الأصل والأساس. أو بمعنى الحبس. ووصف المرأة التي لا تلد بأنّها عاقر يعني أنّها وصلت إلى عقرها وانتهت ، أو أنّها حبست عن الولادة.
وقد يسأل سائل : لماذا استولى العجب على زكريّا مع أنّه عالم بقدرة الله التي لا تنتهي؟
يتّضح الجواب بالرجوع إلى الآيات الأخرى. كان يريد أن يعرف كيف يمكن لامرأة عاقر ـ خلفت وراءها سنوات عديدة بعد سنة اليأس ـ أن تحمل وتلد؟
__________________
(١) نهج البلاغة : الكلمات القصار : ٢٨.