أَحَسَ) (١) (عِيسى مِنْهُمُ الْكُفْرَ) ، فنادى في أصحابه و (قالَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ) فاستجاب لندائه نفر قليل. كانوا أطهارا سمّاهم القرآن بـ «الحواريّين». لبّوا نداء المسيح ولم يبخلوا بشيء في سبيل نشر أهدافه المقدّسة.
أعلن الحواريون استعدادهم لتقديم كلّ عون للمسيح ، وقالوا : (نَحْنُ أَنْصارُ اللهِ آمَنَّا بِاللهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ).
لاحظ أنّ الحواريين لم يقولوا : نحن أنصارك بل لكي يعربوا عن منتهى إيمانهم بالتوحيد وليؤكّدوا إخلاصهم ، ولكن لا يشمّ من كلامهم أيّ رائحة للشرك ، قالوا : نحن أنصار الله ، ننصر دينه ، ونريدك شاهدا على هذه الحقيقة ، لعلّهم قد شمّوا منذ ذلك اليوم رائحة الانحراف في المستقبل وأنّ هناك من يستدعي الوهيّة عيسى من بعده ، فسعوا ألّا يكون في كلامهم ما يمكن أن يتذرّعوا به. ضمنا نلاحظ أن الحواريين عبّروا في كلامهم عن كونهم مسلمين ، وهذا يدلّ على أن الإسلام هو دين جميع الأنبياء عليهمالسلام.
وهنا ميّز المسيح عليهالسلام أتباعه المخلصين من الأعداء والمنافقين كيما يضع لدعوته برنامجا دقيقا وخطة مدروسة كما صنع نبي الإسلام صلىاللهعليهوآلهوسلم ذلك في بيعة العقبة.
وبعد أن قبل الحواريّون دعوة المسيح إلى التعاون معه واتّخاذه شاهدا عليهم في إيمانهم ، اتّجهوا إلى الله يعرضون عليه إيمانهم قائلين : (رَبَّنا آمَنَّا بِما أَنْزَلْتَ).
ولكن لمّا كانت دعوى الإيمان لا تكفي وحدها ، فقد اتّبعوها ذلك بقيامهم بتنفيذ أوامر الله واتّباع رسوله المسيح ، وقالوا مؤكّدين : (وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ).
__________________
(١) التعبير بـ «أحسّ» مع أن الكفر أمر باطني لا يدرك بالحواس قد يكون أن إصرارهم على الكفر بلغ مرتبة من الشدّة وكأنه أصبح محسوسا (الميزان ـ ذيل الآية مورد البحث).