غدا بولده وأهله فاحذروا مباهلته ، وإن غدا بأصحابه فباهلوه فإنّه على غير شيء.
فلمّا كان الغد جاء النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم آخذا بيدي علي بن أبي طالب عليهالسلام والحسن عليهالسلام والحسين عليهالسلام بين يديه يمشيان وفاطمة عليهاالسلام تمشي خلفه ، وخرج النصارى يتقدمهم أسقفهم. فلمّا رأى النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قد أقبل بمن معه فسأل عنهم فقيل له : هذا ابن عمّه وزوج ابنته وأحب الخلق إليه ، وهذان ابنا بنته من علي وهذه الجارية بنته فاطمة أعزّ الناس عليه وأقربهم إلى قلبه ، وتقدّم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فجثا على ركبتيه. قال أبو حارثة الأسقف جثا والله كما جثا الأنبياء للمباهلة.
فرجع ولم يقدم على المباهلة ، فقال السيد : أذن يا أبا حارثة للمباهلة! فقال : لا. إنّي لأرى رجلا جريئا على المباهلة وأنا أخاف أن يكون صادقا ولئن كان صادقا لم يحل والله علينا حول وفي الدنيا نصراني يطعم الماء.
فقال الأسقف : يا أبا القاسم! إنا لا نباهلك ولكن نصالحك فصالحنا على ما ينهض به ، فصالحهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على الفي حلة من حلل الاواقي قسمة كلّ حلة أربعون درهما فما زاد أو نقص فعلى حساب ذلك أو على عارية ثلاثين درعا وثلاثين رمى وثلاثين فرسا إن كان باليمن كيد ، ورسول الله ضامن حتّى يؤديها وكتب لهم بذلك كتابا.
وروي أن الأسقف قال لهم : إنّي لأرى وجوها لو سألوا الله أن يزيل جبلا من مكانه لازاله ، فلا تبتهلوا فتهلكوا ولا يبقى على وجه الأرض نصراني إلى يوم القيامة (١).
__________________
(١) مجمع البيان ، ورد سبب نزول هذه الآيات في تفاسير اخرى مع تفاوت يسير مثل : تفسير أبو الفتوح الرازي وتفسير الكبير وغيرها ، وادّعى الفخر الرازي أن هذه الروايات متفق عليها عند علماء التفسير والحديث.