جميع أهدافكم ، فلا ينبغي أن يقعد بكم اليأس عن العمل ، بل اسعوا لإقناعهم بالتعاون معكم في تحقيق الأهداف المشتركة بينكم ، كقاعدة للانطلاق إلى تحقيق سائر أهدافكم المقدّسة (قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً).
هذه الآية تعتبر نداء «الوحدة والاتّحاد» إلى أهل الكتاب ، فهي تقول لهم :إنّكم تزعمون ـ بل تعتقدون ـ أنّ التثليث (أي الاعتقاد بالآلهة الثلاثة) لا ينافي التوحيد ، لذلك تقولون بالوحدة في التثليث. وهكذا اليهود يدعون التوحيد وهم يتكلّمون بكلام فيه شرك ويعتبرون «العزير» ابن الله.
يقول لهم القرآن : إنّكم جميعا ترون التوحيد مشتركا ، فتعالوا نضع يدا بيد لنحيي هذا المبدأ المشترك بدون لفّ أو دوران ، ونتجنّب كلّ تفسير يؤدّي إلى الشرك والابتعاد عن التوحيد.
والملفت للنظر أن الآية الشريفة تؤكّد موضوع التوحيد في ثلاث تعابير مختلفة ، فأوّلا ذكرت (أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللهَ) وفي الجملة الثانية (وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً) وفي المرّة الثالثة قالت (وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ). ولعلّ في هذه الجملة الأخيرة إشارة إلى أحد موضوعين :
«الأوّل» : أنّه لا يجوز تأليه المسيح ، وهو بشر مثلنا ومن أبناء نوعنا.
«والثاني» : أنّه لا يجوز الاعتراف بالعلماء المنحرفين الذين يستغلّون مكانتهم ويغيّرون حلال الله وحرامه كيفما يحلو لهم ، ولا يجوز اتّباع هؤلاء.
ويتّضح ممّا سبق من الآيات القرآنية أنّه كان هناك بين علماء أهل الكتاب جماعات يحرّفون أحكام الله بحسب «مصالحهم» أو «تعصّبهم». إنّ الإسلام يرى أنّ من يتّبع أمثال هؤلاء دون قيد أو شرط وهو يعلم بهم ، إنّما هو يعبدهم بالمعنى الواسع لكلمة العبادة.