التّفسير
(يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْراهِيمَ) ....
هذه الآية تردّ على مزاعم اليهود النصارى ، وتقول : إنّ جدلكم بشأن إبراهيم النبيّ المجاهد في سبيل الله جدل عقيم ، لأنّه كان قبل موسى والمسيح بسنوات كثيرة ، والتوراة والإنجيل نزلا بعده بسنوات كثيرة (وَما أُنْزِلَتِ التَّوْراةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ) أيعقل أن يدين نبيّ سابق بدين لاحق؟ (أَفَلا تَعْقِلُونَ)؟
(ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ حاجَجْتُمْ فِيما لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ).
هنا يوبّخهم الله قائلا إنّكم قد بحثتم فيما يتعلّق بدينكم الذي تعرفونه (وشاهدتم كيف أنّكم حتّى في بحث ما تعرفونه قد وقعتم في أخطاء كبيرة وكم بعدتم عن الحقيقة ، فقد كان علمكم ، في الواقع ، جهلا مركّبا) ، فكيف تريدون أن تجادلوا في أمر لا علم لكم به ، ثمّ تدّعون ما لا يتّفق مع أيّ تاريخ؟
وفي نهاية الآية يقول : (وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) توكيدا للموضوع السابق ، وتمهيدا لبحث الآية التالية.
أجل ، إنه يعلم متى بعث إبراهيم عليهالسلام بالرسالة لا أنتم الذين جئتم بعد ذلك بزمن طويل وتحكمون في هذه المسألة بدون دليل.
(ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرانِيًّا).
وهذا ردّ صريح على هذه المزاعم يقول إنّ إبراهيم لم يكن من اليهود ولا من المسيحيّين، وإنّما كان موحّدا طاهرا مخلصا أسلم لله ولم يشرك به أبدا.
«الحنيف» من الحنف ، وهو الميل من شيء إلى شيء ، وهو في لغة القرآن ميل عن الضلال إلى الاستقامة.
يصف القرآن إبراهيم أنّه كان حنيفا لأنّه شقّ حجب التعصّب والتقليد الأعمى ،