٣ ـ والقول الأخير بشأن هذه الآية هو أنّها وإن تكن بخصوص الأنبياء ، فهي تصدق طبعا بحقّ خلفائهم أيضا ، إذ أنّ خلفائهم الصادقين لا ينفكّون عنهم ، وهم جميعا يسعون لتحقيق هدف واحد. ولذلك كان الأنبياء يعيّنون خلفائهم ، ويبشّرون الناس بهم ويدعونهم إلى الإيمان بهم وشدّ أزرهم.
ولئن وجدنا بعض الروايات الواردة في تفاسيرنا لهذه الآية وكتب أحاديثنا بشأن نزول عبارة «ولتنصرنّه» في علي عليهالسلام وأنها تشمل قضية الولاية ، إنّما هو إشارة إلى هذا المعنى.
ولا بدّ أن نشير إلى أنّ هذه الآية ـ من حيث تركيبها النحوي ـ كانت موضع بحث بين المفسّرين ورجال الأدب (١).
٤ ـ التعصّب المقيت
يحدّثنا التاريخ أنّ أتباع دين من الأديان لا يتخلّون بسهولة عن دينهم ولا يستسلمون للأنبياء الجدد المبعوثين من قبل الله ، بل يتمسّكون بدينهم القديم تمسّكا جافّا جامدا ، ويدافعون عنه كأنّه جزء من وجودهم ، ويرون تركه إبادة لقوميّتهم.
لذلك يشقّ عليهم القبول بالدين الجديد. إنّ منشأ الكثير من الحروب الدينية التي وقعت على امتداد التاريخ ـ وهي من أفظع حوادث التاريخ ـ هو هذا التعصّب الجاف والجمود على الأديان القديمة.
غير أنّ قانون الارتقاء والتكامل يقول : هذه الأديان يجب أن تأتي الواحد تلو الآخر، وتتقدّم بالبشرية في سيرها نحو معرفة الله والحقّ والعدالة والإيمان والأخلاق والإنسانية والفضيلة ، حتّى تصل إلى الدين النهائي ، خاتم الأديان ،
__________________
(١) في «لما آتيتكم» يعتبر بعضهم «ما» موصولة ومبتدأ ، واللام موطئة للقسم ، وجملة «لتؤمننّ به» خبر.
وقال فريق آخر «ما» شرطية زمانية وجزاؤها «لتؤمننّ به ولتنصرنّه». وهذا الاحتمال الثاني أقرب إلى معنى الآية.