وجوههم شطر «بيت المقدس» ويصلون باتجاهه وأنت تصلي شطر الكعبة وتعرض عن «بيت المقدس»؟
فجاءت الآيات الثلاثة تردّ على إنكارهم للأمر الأول وتفند زعمهم ، بينما تكفلت الآيات القادمة الردّ على اعتراضهم الأخير.
التّفسير
صرحت الآية الأولى من هذه الآيات الثلاث بتفنيد كلّ المزاعم اليهودية حول تحريم بعض أنواع الطعام الطيب (مثل لحوم الإبل وألبانها) وردت على هذه الكذبة بقولها : (كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرائِيلَ إِلَّا ما حَرَّمَ إِسْرائِيلُ) (١) (عَلى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْراةُ).
أما لماذا حرّم يعقوب على نفسه بعض الأطعمة؟ وما هو نوع الأطعمة التي حرمها على نفسه فلم يرد في الآية أي توضيح بشأنها ، بيد أن المستفاد من الروايات الإسلامية هو أن يعقوب كان ـ كما قيل ـ كلّما أكل من لحم الإبل أخذه وجع العرق الذي يقال له عرق النساء (٢) فعزم إن شفاه الله على أن يحرم لحم الإبل على نفسه ، فاقتدى به أتباعه في هذا ، حتّى اشتبه الأمر على من أتوا من خلفهم فيما بعد فتصور بعض أنه تحريم إلهي ، فاعتبروا ذلك حكما ونسبوه إلى الله ، وادعوا بأنه حرم عليهم لحم الإبل ، فنزلت الآية تفند هذا الزعم ببيان علّة الالتباس ، وتصرّح بأن نسبه هذا التحريم إلى الله سبحانه محض اختلاق.
وعلى هذا فقد كان كلّ الطعام حلالا ، ولم يكن شيء من الطيبات منه حراما
__________________
(١) إسرائيل هو الاسم الآخر ليعقوب.
(٢) عرق النساء ألم عصبي يمتد على مسار العصب الوركي من الالية إلى معصم القدم ويشتد هذا الألم جدا إذا ما ثنيت الساق الممتدة عند مفصل الحوض (الموسوعة العربية الميسرة).