بالبركات ، غنية بالخيرات ، وضع ليكون مجتمع الناس ، وملتقاهم.
إن المصادر الإسلامية والتاريخية تحدثنا بأن الكعبة تأسست على يدي «آدم» عليهالسلام ثمّ تهدمت بسبب الطوفان الذي وقع في عهد النبي «نوح» ثمّ جدد بناءها النبي العظيم «إبراهيم الخليل» عليهالسلام فهي إذن عريقة عراقة التاريخ البشري (١).
ولا شكّ أن إختيار أعرق بيت أسس للتوحيد من أجل أن يكون قبلة للمسلمين ، أولى وأفضل من إختيار أية نقطة أخرى وأي مكان آخر.
هذا وممّا يجدر الانتباه إليه هو أن «الكعبة» والتي تسمى في تسمية أخرى بـ «بيت الله» وصفت في هذه الآية بأنها «بيت للناس» ، وهذا التعبير يكشف عن حقيقة هامة وهي : أن كلّ ما يكون باسم الله ويكون له ، يجب أن يكون في خدمة الناس من عباده ، وأن كلّ ما يكون لخدمة الناس وخير العباد فهو لله سبحانه.
كما تتضح ـ ضمن ما نستفيده من هذه الآية ـ قيمة الأسبقية في مجال العلاقات بين الخلق والخالق ، ولذلك نجد القرآن يشير ـ في هذه الآية ـ إلى أسبقية الكعبة على جميع الأماكن الأخرى ، وإلى تاريخها الطويل الضارب في أعماق الزمن ، معتبرا ذلك أول وأهم ما تتسم به الكعبة من الفضائل والمزايا ، ومن هنا يتضح أيضا علّة ما للحجر الأسود من الحرمة ، ويتبين جواب ما يحوم حوله من سؤال مفاده : ما قيمة قطعة من الحجر ولماذا يندفع ويتدافع لاستلامه ملايين الناس كلّ عام ، ويتسابقون ـ في عناء بالغ ـ إليه حتّى أن استلامه يعد من المستحبات المؤكّدة في مناسك الحجّ وبرامجه؟
إن تاريخ هذا الحجر يكشف عن ميزه خاصة في هذا الحجر لا نجدها في أي
__________________
(١) للوقوف على معلومات أكثر حول مصادر ونصوص هذا الموضوع من الآيات والأحاديث راجع الجزء الأول من هذا التفسير في ذيل الآية ١٢٧ من سورة البقرة.