الحقّ ـ مراحل ودرجات ، ولكلّ واحدة من هذه المراحل والدرجات أحكام خاصة بها ، وفي ضوء هذه الحقيقة يتضح الحال بالنسبة لجميع الموارد التي استعملت فيها لفظة الكفر والإيمان في الكتاب العزيز.
فإذا وجدنا القرآن يستعمل وصف الكفر في شأن آكل الربا (كما في الآية ٢٧٥ من سورة البقرة) وكذا في شأن السحرة (كما في الآية ١٠٢ من نفس السورة) ويعبر عنهما بالكافر ، كان المراد هو ما ذكرناه ، أي أن الربا والسحر ابتعاد عن الحقّ في مرحلة العمل.
وعلى كلّ حال فإنه يستفاد من هذه الآية أمران :
الأوّل : الأهمية الفائقة لفريضة الحجّ ، إلى درجة ان القرآن عبر عن تركها بالكفر. ويؤيد ذلك ما رواه الصدوق في كتاب «من لا يحضره الفقيه» من أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال لعلي عليهالسلام: «يا علي إن تارك الحجّ وهو مستطيع كافر يقول الله تبارك وتعالى : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ) ؛ يا علي؛ من سوف الحجّ حتّى يموت بعثه الله يوم القيامة يهوديا ، أو نصرانيا» (١).
الثاني : إن هذه الفريضة الإلهية المهمة ـ مثل بقية الفرائض والأحكام الدينية الأخرى ـ شرعت لصلاح الناس ، وفرضت لفرض تربيتهم ، وإصلاح أمرهم وبالهم أنفسهم فلا يعود شيء منها إلى الله سبحانه أبدا ، فهو الغني عنهم جميعا.
* * *
__________________
(١) من لا يحضره الفقيه : ج ٤ ص ٣٦٨ باب النوادر.