ولقد كانت بين المسلمين في ذلك اليوم آراء مختلفة وكثيرة ـ كما ستعرفها قريبا ـ حول الموطن الذي ينبغي أن يعسكر فيه المسلمون ، بل وكيفية مقابلة الأعداء القادمين ، وأنه يتعيّن عليهم أن يتحصنوا بالمدينة ، أم يخرجوا إليهم ويحاربوهم خارجها.
ولقد كان هناك خلاف شديد في الرأي بين المسلمين في هذه الأمور ، فاختار النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم بعد المشاورة رأي الأغلبية ، والتي كانت تتألف ـ في الأكثر من الشباب المتحمسين ، وهو الخروج من المدينة ومقاتلة العدو خارجها ، بعد الاستقرار عند جبل «أحد».
ومن الطبيعي أن يكون هناك بين المسلمين من كان يخفي أشياء وأمورا يحجم عن الإفصاح بها لعلل خاصة ، ومن الممكن أن تكون عبارة (وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) ناظرة إلى هذه الأمور المكنونة ، فهو سبحانه سميع لما يقولون ، عليم بما يضمرون.
ثمّ إنّ الآية الثانية تشير إلى زاوية أخرى من هذا الحدث إذ تقول : (إِذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا وَاللهُ وَلِيُّهُما وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ).
والطائفتان كما يذكر المؤرخون هما «بنو سلمة» من الأوس و «بنو حارثة» من الخزرج.
فقد صممت هاتان الطائفتان على التساهل في أمر هذه المعركة والرجوع إلى المدينة ، وهمتا بذلك.
وقد كان سبب هذا الموقف المتخاذل هو أنهما كانتا ممّن يؤيد فكرة البقاء في المدينة ومقاتلة الأعداء داخلها بدل الخروج منها والقتال خارجها ، وقد خالف النبي هذا الرأي ، مضافا إلى أن «عبد الله بن أبي سلول» الذي التحق بالمسلمين