الماضية والتدبر فيها ، والإعتبار بها ، والوقوف على آثار العظمة الإلهية في شتى نقاط العالم وهذا هو ما يسميه القرآن الكريم بالسير في الأرض ، والذي تأمر به الآيات العديدة ومن ذلك :
١ ـ (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ) (١).
٢ ـ (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِها) (٢) وآيات اخرى ...
٣ ـ (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ) (٣).
إن هذه الآية تقول بأن السير في الأرض والنظر في آثار الماضيين يفتح العقول والعيون، وينير القلوب والأفئدة ، ويخلص الإنسان من الجمود والركود.
وقد أشار الإمام علي أمير المؤمنين عليهالسلامإلى هذه الحقيقة في كلمات وخطب عديدة منها قوله : «فاعتبروا بما أصاب الأمم المستكبرين من قبلكم من بأس الله وصولاته ، ووقائعه ومثلاته واتعظوا بمثاوي خدودهم ، ومصارع جنوبهم واستعيذوا بالله من لواقح الكبر كما تستعيذونه من طوارق الدهر ...
واحذروا ما نزل بالأمم قبلكم من المثلات بسوء الأفعال ، وذميم الأعمال ، فتذكروا في الخير والشرّ أحوالهم ، واحذروا أن تكونوا أمثالهم فإذا تفكرتم في تفاوت حاليهم فالزموا كلّ أمر لزمت العزة به شأنهم وزاحت الأعداء له عنهم ، ومدت العافية به عليهم ، وانقادت النعمة له معهم ، ووصلت الكرامة عليه حبلهم من الاجتناب للفرقة واللزوم للألفة والتحاض عليها ، والتواصي بها ، واجتنبوا كلّ أمر كسر فقرتهم وأوهن منّتهم ، من تضاغن القلوب ، وتشاحن الصدور
__________________
(١) النمل : ٧١.
(٢) الحج : ٤٦.
(٣) العنكبوت : ٢٠.