أن تبزغ عليهم شمس الإسلام ، فقد كانوا يتصورون أن الله سيكذبهم وعده ، ويظنون أن وعود النبي غير محققة ولا صادقة ، وكان يقول بعضهم للآخر : (هَلْ لَنا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ) أي هل سيصيبنا النصر ونحن في هذه الحالة من السقوط والهزيمة ، والمحنة والبلية؟ إنهم كانوا يستبعدون أن ينزل عليهم نصر من الله بعد ما لقوا ، أو كانوا يرون ذلك محالا.
ولكن القرآن يجيبهم قائلا (قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ) أي كيف تستبعدون ذلك أو ترونه محالا والأمر كلّه بيد الله ، وهو قادر أن ينزل عليكم النصر متى وجدكم أهلا لذلك.
على أنهم لم يظهروا كلّ ما كان يدور في خلدهم من ظنون وأوهام وهواجس خوفا من أن يعدوا في صفوف الكفار : (يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ ما لا يُبْدُونَ لَكَ).
وكأنهم كانوا يتصورون أن الهزيمة في «أحد» من العلائم الدالة على بطلان الإسلام ، ولذا كانوا يقولون : (لَوْ كانَ لَنا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ ما قُتِلْنا هاهُنا) أي لو كنا على حق لكسبنا المعركة ، ولم نخسر كلّ هذه الأرواح والنفوس.
ولكن الله تعالى أجابهم وهو يشير في هذه الإجابة إلى مطلبين.
الأول : إن عليكم أن لا تتوهموا بأن الفرار من ساحة المعركة ، وتجنب الصعاب يمكنه أن ينقذكم من الموت الذي هو قدر لكلّ إنسان ولهذا يقول سبحانه : (قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلى مَضاجِعِهِمْ) فإن الذين جاء أجلهم ، وحان حين موتهم لا بدّ أن يموتوا ولا محالة هم مقتولون حتّى لو كانوا في مضاجعهم.
وفي الأساس فإن كلّ أمة استحقت الهزيمة لوهن أكثريتها ، لا بدّ أن تذوق الموت، ولا محالة يصيبها القتل ، فالأجدر بها أن تموت في ساحات المعارك ، وتحت ضربات السيوف، وهي تسطر ملاحم البطولة ، وتخط أسطر البسالة ، لا أن