الاهتمام البالغ ، فنحن نرى كيف نستفيد منها دروسا وعبرا كثيرة وكبيرة ، في الآيات القادمة كما في الآيات السابقة.
ومن جهة أخرى هيأت أحداث هذه الواقعة أرضية وفرصة مناسبة للمنافقين بأن يقوموا بمحاولاتهم التشويشية ، ومن أجل هذا نزلت آيات عديدة لإبطال مفعول هذه المحاولات وتفشيل هذه المساعي الماكرة ، من جملتها الآيات المذكورة أعلاه.
فهذه الآيات تتوجه بالخطاب أولا إلى المؤمنين بهدف تحطيم جهود المنافقين ومحاولاتهم التخريبية ، وتحذير المسلمين منهم فتقول : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقالُوا لِإِخْوانِهِمْ إِذا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ ، أَوْ كانُوا غُزًّى لَوْ كانُوا عِنْدَنا ما ماتُوا وَما قُتِلُوا).
هذه الكلمات وإن كانوا يطلقونها في ستار من التعاطف وتحت قناع الإشفاق ، إلّا أنهم لم يكونوا ـ في الحقيقة ـ يقصدون منها إلّا تسميم روحية المسلمين ، وإضعاف معنوياتهم ، وزعزعة إيمانهم ، فينبغي ألا تقعوا تحت تأثيرها ، وتكرروا نظائرها من العبارات.
(لِيَجْعَلَ اللهُ ذلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ).
أنكم أيها المؤمنون إذا وقعتم تحت تأثير هذه الكلمات المضلة الغاوية ، وكررتم نظائرها ستضعف روحيتكم أيضا ، وستمتنعون أيضا عن الخروج إلى ميادين الجهاد والسفر والرحيل من أجل الله وفي سبيله ، وحينئذ سيتحقق للمنافقين ما يصبون إليه ، ولكن لا تفعلوا ذلك ، وتقدموا إلى سوح الجهاد وميادين القتال بمعنوية عالية ، وعزم أكيد ودون تردد ولا كلل ، ليجعل الله ذلك حسرة في قلوب المنافقين المخذلين ، أبدا.
ثمّ إن القرآن الكريم يرّد على خبث المنافقين وتسويلاتهم وتشويشاتهم