مؤمنون واقعيون ، وأنهم الأمثلة الكاملة للصالحين.
وفي الحقيقة ـ تتضمن الآية الإشارة إلى أمرين :
الأول : العلة الفاعلية للهزيمة.
الثاني : العلة الغائية (والنتيجة النهائية) لها.
على أنّ هناك نقطة يلزم التنويه بها وهي أن الآية الحاضرة تقول : (وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نافَقُوا) ولم تقل «ليعلم المنافقين».
وبتعبير آخر : جاء ذكر النفاق بصيغة الفعل ، ولم يأت بصورة «الوصف» وهو ـ لعلّه ـ لأجل أن النفاق لم يكن قد حصل في الجميع في شكل الصفة الثابتة اللازمة ولهذا نقرأ في التاريخ أن بعضهم قد وفق للتوبة وهدي إليها فيما بعد ، والتحق بصف المؤمنين الصادقين ، ثمّ إن القرآن الكريم يستعرض حوارا قد وقع بين بعض المسلمين، والمنافقين قبل المعركة بالشكل التالي : (وَقِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا قاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَوِ ادْفَعُوا) فإن بعض المسلمين «وهو عبد الله بن عمر بن حزام على ما نقل عن ابن عباس) عند ما رأى انسحاب عبد الله بن أبي سلول وانفصالهم عن الجيش الإسلامي، واعتزامهم العودة إلى المدينة قال : تعالوا قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا عن حريمكم وأنفسكم إن لم تقاتلوا في سبيل الله.
ولكنهم تعللوا ، واعتذروا بأعذار واهية إذ قالوا : (لَوْ نَعْلَمُ قِتالاً لَاتَّبَعْناكُمْ) أي إننا نظن أن الأمر ينتهي بلا قتال فلا حاجة لوجودنا معكم.
وبناء على تفسير آخر قال المنافقون : لو أننا كنا نعتبر هذا قتالا معقولا لتعاونا معكم ولاتبعناكم ، ولكننا لا نعتبر هذا قتالا بل نوعا من الانتحار والمغامرة الانتحارية لعدم التكافؤ بين قوى الكفر وقوى الإسلام ، الأمر الذي يعني أن قتالهم أمر غير عقلائي ، خاصة أن الجيش الإسلامي قد استقر في مكان غير مناسب ونقطة غير مؤاتية ولا ملائمة.