أمير المؤمنين علي عليهالسلام أملا في أن يستعطف الإمام تجاه قضية رفعها إليه ، ويسمّي ما قدّمه هديّة ، فيأتيه جواب الإمام صارما قاطعا ، قال : «هبلتك الهبول ، أعن دين الله أتيتني لتخدعني؟ ... والله لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها على أن أعصي الله في نملة أسلبها جلب شعيرة ما فعلته ، وأنّ دنياكم عندي لأهون من ورقة في فم جرادة تقضمها. ما لعليّ ونعيم يفنى ولذّة لا تبقى؟! ...»
الإسلام أدان الرشوة بكلّ أشكالها ، وفي السيرة أنّ واحدا ممّن ولّاه رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم قبل رشوة قدّمت إليه بشكل هدية ، فقال له الرسول : «كيف تأخذ ما ليس لك بحق؟!» قال : كانت هدية يا رسول الله. قال : «أرأيت لو قعد أحدكم في داره ولم نولّه عملا أكان الناس يهدونه شيئا؟!» (١).
ومن أجل أن يصون الإسلام القضاة من الرشوة بكلّ أشكالها الخفيّة وغير المباشرة ، أمر أن لا يذهب القاضي بنفسه إلى السوق للشراء ، كي لا يؤثّر فيه بائع من الباعة فيبيعه بضاعة بثمن أقل ، ويكسب على أثرها تأييد القاضي في المرافعة.
أين المسلمون اليوم من هذه التعاليم الدقيقة الصارمة الهادفة إلى تحقيق العدالة الاجتماعية بشكل حقيقيّ عمليّ في الحياة؟!
إن مسألة الرشوة مهمّة في الإسلام إلى درجة أن الإمام الصادق عليهالسلام يقول عنها: «وأمّا الرشا في الحكم فهو الكفر بالله العظيم»(٢)
وورد في الحديث النبوي المعروف : «لعن الله الراشي والمرتشي والماشي بينهما»(٣).
* * *
__________________
(١) نهج البلاغة ، الخطبة ٢٢٤.
(٢) وسائل الشيعة : ج ١٢ باب ٥ من أبواب ما يكتسب به ح ٢
(٣) بحار الأنوار : ج ١٠١ ص ٢٧٤ وج ١١ باب الرشا في الحكم.