(١٧٠) وهذه الأربعة تقتضى أن يكون وجه الشّبه فى المشبّه به أتمّ ، وهو به أشهر.
أو تزيينه ؛ كما فى تشبيه وجه أسود بمقلة الظبى ، أو تشويهه ؛ كما فى تشبيه وجه مجدور بسلحة جامدة قد نقرتها الدّيكة.
أو استظرافه ؛ كما فى تشبيه فحم فيه جمر موقد ، ببحر من المسك موجه الذهب ، لإبرازه فى صورة الممتنع عادة.
(١٧٥) وللاستظراف وجه آخر ، وهو : أن يكون المشبّه به نادر الحضور فى الذهن : إما مطلقا ؛ كما مر.
وإما عند حضور المشبه ؛ كما فى قوله [من البسيط](١) :
ولا زورديّة تزهو بزرقتها |
بين الرّياض على حمر اليواقيت |
|
كأنّها فوق قامات ضعفن بها |
أوائل النّار فى أطراف كبريت |
(١٧٧) وقد يعود إلى المشبّه به ، وهو ضربان :
أحدهما : إيهام أنه أتم من المشبه ؛ وذلك فى التشبيه المقلوب ؛ كقوله (٢) [من الكامل] :
وبدا الصّباح كأنّ غرّته |
وجه الخليفة حين يمتدح |
والثانى : بيان الاهتمام به ؛ كتشبيه الجائع وجها كالبدر فى الإشراق ، والاستدارة بالرغيف ؛ ويسمّى هذا إظهار المطلوب.
(١٨٠) هذا إذا أريد إلحاق الناقص ـ حقيقة أو ادعاء ـ بالزائد ، فإن أريد الجمع بين شيئين فى أمر : فالأحسن ترك التشبيه إلى الحكم بالتشابه ؛ احترازا من ترجيح أحد المتساويين ؛ كقوله [من الطويل] :
تشابه دمعى إذ جرى ومدامتى |
فمن مثل ما فى الكأس عينى تسكب |
|
فو الله ، ما أدرى أبالخمر أسبلت |
جفونى أم من عبرتى كنت أشرب (٣) |
__________________
(١) البيتان لابن المعتز ، أوردهما الطيى فى التبيان ١ / ٢٧٣ بتحقيقى ، والعلوى فى الطراز ١ / ٢٦٧. واللازوردية : البنفسجية ، نسبة إلى اللازورد ، وهو حجر نفيس.
(٢) البيت لمحمد بن وهيب ، الإشارات ص ١٩١ ، والطيى فى شرح المشكاة ١ / ١٠٨ بتحقيقى.
(٣) البيتان لأبى إسحاق الصابى فى الإشارات ص ١٩٠ ، الأسرار ص ١٥٦.