حسي وبعضه عقلي. مثال الحسي كله ما تقدم في تشبيه الفاكهة بأخرى ، ومثال العقلي كله أن يقال : زيد كعمرو في علمه وصحبته وإيمانه ، ومثال المختلف أن يقال : زيد كعمرو في علمه وشكله وكلامه ، ثم أشار إلى ما يقتضيه كون الوجه حسيا أو عقليا في الطرفين بقوله : (والحسي) من وجه الشبه ؛ سواء كان حسيّا كله ، أو كان بعضه حسيا وبعضه عقليا (طرفاه حسيان لا غير) أي : يجب أن يكون كل من طرفي التشبيه حيث تحققت حسيته في الوجه حسيا ، فلا يجوز أن يكونا معا عقليين أو أحدهما ؛ وإنما وجب كون الطرفين عند وجود الحسية في الوجه حسيين معا (لامتناع أن يدرك بالحس من غير الحسي شيء) يعني أن وجه التشبيه يجب أن يقوم بالطرفين ، ولا بد من إدراكه فيهما ليتحقق التشارك فيه ، فإذا كان ذلك الوجه حسيّا أدرك بإحدى الحواس ؛ إذ لا معنى للحسي إلا ما يدرك بالحواس حال وجوده خارجا فلو صح أن يكون أحد الطرفين عقليا مع كون الوجه حسيّا لصح أن يدرك الوجه الحسى فى ذلك الطرف العقلى ؛ لأن الوجه الحسى عند وجوده يدرك بإحدى الحواس ، وإلا لم يكن حسيا لكن إدراك الأمر العقلي بالحواس محال ، فإدراك أوصافه بالحواس محال ؛ لأن أوصاف العقلي لا تكون إلا عقلية ؛ إذ لا يصح اتصاف العقلي بالحسي ضرورة أن الأوصاف المدركة بالحواس أوصاف الجسم ولا يصح أن تكون لغيره ، والجسم حسي لا عقلي ، وهذا المعنى أعني كون الحسي لا يكون قائما بالعقلي يكفي في التعليل ، بل هو أوضح ، لكن لما كان يستلزم عدم إدراك الحس من العقلي شيئا علل به إشارة إلى تأخر إدراك الوجه على إدراك الطرفين ؛ إذ هو المطلوب إفادة في التشبيه ، فهو المجهول المطلوب بعد تصور الطرفين ، فإن قلت : كيف يصح أن يجعل الجسم الموصوف بالمحسوس محسوسا حتى لا يصح أن يقوم الحسي بالعقلي مع ما تقرر من أن المدرك بالبصر مثلا اللون لا الجسم ، فقد صح اتصاف العقلي وهو الجسم بالحسي وهو اللون ، قلت : هذا تقرير فيلسوفي وليس على مذهب المحققين ، فإن الضرورة حاكمة بإدراك الجسم بحاسة البصر ، فلا يصح قيام الحسي بغير الجسم المحسوس ، فالمحسوس إما جسم أو قائم به وهو ظاهر ، (و) أما (العقلي) من وجه الشبه فيجوز أن يكون طرفاه عقليين