هي في قوة قولنا لا شيء من الحسي بكلي ، ودليل صدقها أن ما يدرك بإحدى الحواس الخمس إنما يدرك في مادة معينة ، أي : في جسم معين فيكون جزئيات ضرورة أن كل معين خارجا جزئي ، وذلك ظاهر لأنه لا تدرك الكليات بالحواس فينتظم لنا من القضيتين قياس من الشكل الثاني ، هكذا كل وجه شبه كلي ولا شيء من الحسي بكلي ينتج كلية لكلية مقدمتيه ، وهي قولنا : لا شيء من وجه شبه بحسي ، وهذا يناقض ما تقرر من أن وجه الشبه يكون حسيّا ثم أجاب عن ذلك بقوله : (قلنا : المراد) بكون وجه الشبه حسيّا (أن أفراده) أي : جزئيات وجه الشبه (تدرك بالحواس) الخمس الظاهرة ، فالحمرة مثلا في تشبيه الخد بالورد حسية لا بمعنى أن المعنى الكلي المفهوم منها الصادق على الجزئيات حسي ، بل بمعنى أن أفراد ذلك الكلي الذي وقعت فيه الشركة حسية ، فنسبة الحسية إلى الوجه إنما هي باعتبار نسبتها إلى أفراده ، ففي الكلام على هذا بعض التسامح ، وأما العقلي كالعلم فلا يدرك شيء من أفراده بالحس أصلا ، فلذلك سمي عقليّا ، وحاصل السؤال أن الاشتراك المشترط في الوجه يقتضي نفي الإحساس لاقتضائه كونه كليّا والكلي لا يتعلق به الحس ، وحاصل الجواب تسليم البحث وتأويل أن إطلاق الإحساس على المعنى الكلي ليس على ظاهره ، بل إنما أطلق عليه ، نظرا لأفراده فسمي بما يعرض لأفراده ؛ لأنها هي الموجودة خارجا في الطرفين حقيقة لا الكلي ، وإن كان هو المشترك فيه ، والذي يتحصل من أقسام الوجه بالنظر إلى الطرفين ثمانية وعشرون قسما ؛ وذلك لأن الوجه إما واحد ، وإما بمنزلة الواحد ، وإما متعدد ، والواحد والذي بمنزلته إما أن يكونا حسيين أو عقليين فهذه أربعة ، والمتعدد إما أن يكون حسيا أو يكون عقليا أو يكون بعضه عقليا ، وبعضه حسيا ، فهذه ثلاثة في المتعدد إلى الأربعة التي في الواحد والذي بمنزلته مجموعها سبعة ، وكل من هذه السبعة إما أن يكون طرفاه عقليين أو حسيين أو المشبه حسيا والمشبه به عقليا والعكس مجموع ذلك ثمانية وعشرون من ضرب سبعة أحوال الوجه في أربعة أحوال الطرفين ، ثم إن الثلاثة أعني الواحد والذي بمنزلته والمتعدد إذا كانت عقلية فهي تجري في أربعة أحوال الطرفين لما تقدم أن الوجه العقلي يجري في المحسوسين والمعقولين والمختلفين