القسم الذي تركيبه أن يعتبر اجتماع عدة أشياء مختلفة لا يصدق كل واحد فيها على غيره فينتزع منها هيئة تكون هي المشبه به أو المشبه كما تقدم ، وسيأتي في بيت" بشار" ، وقد صرح صاحب المفتاح بذلك ، وكذا المراد بتركيب وجه الشبه أن يؤخذ من عدة أوصاف ذلك المركب هيئة اجتماعية تكون هي الجامع بين الطرفين لا القسم الذي تركيبه أن تجمع بين شيئين أو أشياء على أن يكون المجموع حقيقة واحدة معبرا عنها بلفظ واحد ، ويدل على أن المراد ما ذكر أنهم جعلوا المشبه به في قولنا : " زيد كالأسد" من قبيل المفرد مع أن زيدا فيه حيوانية وناطقية وغيرهما ، والأسد فيه حيوانية ومفترسية وغيرهما ، وجعلوا أيضا وجه الشبه في قولنا : " زيد كعمرو في الإنسانية" واحدا مع اشتمال الإنسانية على الحيوانية والناطقية ، ولم يجعلوا الإنسانية وجها منزلا منزلة الواحد حتى يمكن فيه التركيب مع ما في ضمنه من التركيب المعنوي ، وقولنا معبرا عنها بلفظ واحد احترازا مما لو قيل مثلا : " زيد كعمرو في الحيوانية والناطقية معا" ، وقصد اشتراكهما في المجموع فإنه منزل منزلة الواحد كما تقدم ، ولكن التفريق بين ما عبر عنه بلفظ واحد وما لم يعبر به لا يخلو من ضعف ؛ لأنه أمر لفظي ؛ إذ المعنى متحد ، ثم هذا القسم ـ أعني المنزل منزلة الواحد للتعبير فيه بمتعدد عن حقيقة واحدة ـ يتدافع فيه مفهوم تخصيصهم المركب بذي الأجزاء التي لا تلتئم منها حقيقة واحدة ، وتخصيصهم الخارج عن ذلك بالذي لا ينزل منزلة الواحد وهو المركب المعبر عنه بلفظ واحد على أنه حقيقة واحدة لاقتضاء الأول كونه غير مركب والثاني كونه مركبا ، والأقرب إخراج ذلك القسم هنا عن التركيب فالواجب أن يقال بدليل أنهم لم يجعلوا من المركب قولنا : " زيد كعمرو في الحيوانية والناطقية" ، إذ ليس هنا هيئة منتزعة من عدة أشياء ، بل حقيقة واحدة ملتئمة من شيئين ، وإنما لم يجر هذا التقسيم ، أعني تقسيم الطرفين إلى أفرادهما أو تركيبهما معا أو مختلفين في المفرد المراد هنا وهو المفرد حقيقة أو المنزل منزلته الذي هو المركب مما جعل مجموعه حقيقة واحدة ؛ لأنه لما أريد بالمركب الهيئة المنتزعة من عدة أشياء وجب أن يكون وجه الشبه معتبرا فيه تلك الأشياء المختلفة التي لها دخل في التشبيه ، فلم يتصور إفراد الوجه فيما