وبينها بما ، فيقال مثلا : زيد قائم كما أن عمرا قائم لئلا يقع اللبس بينها وبين كأن التى هى من أخوات إن ، وكأن هذه قيل : إنها تكون مع الخبر المشتق للشك وتكون مع غيره للتشبيه على أصلها ، فإذا قلت : كأن زيدا أسد فهو لتشبيه زيد بالأسد ، وإذا قلت : كأن زيدا قائم فالمعنى على أنك تشك فى قيامه ؛ لأن قائم صادق على زيد ، وهو نفسه خارجا ، ولا معنى لتشبيه الشيء بنفسه ، وقيل : إنها فى مثل ذلك للتشبيه أيضا بتقدير موصوف ، أى : كأن زيدا شخص قائم ، ولما استغنى عن الموصوف روعى فى الخبر الذى هو وصف فى الأصل ما يناسب اسم كأن لجريانه عليه بحسب الظاهر ؛ ولذلك إذا اتصل به الضمير روعى فيه الاسم فيقال : كأنك قمت وكأن زيدا قام ولا يخفى ما فى هذا التقدير من التكلف المخرج للكلام عما يفهم منه بداهة ، وأيضا إن أريد بالشخص نفس زيد كان من تشبيه الشيء بنفسه كما قال ذلك القائل ، وإن أريد شخص آخر لم يفد وصف زيد بالقيام ، لا على وجه الشك ولا على وجه آخر بمنزلة ما لو قلت : كأن زيدا عمرو الواقف فإنه لا يفيد إلا أن زيدا يشبه عمرا الموصوف بالقيام ، ويحتمل أن يشبهه فى حال جلوسه لطول قامته ، والكلام لا يراد به إلا وصف زيد بالقيام من غير تحقق ، فالحق أن كأن تكون للظن القريب من الشك فى المشتق ، بل وفى الجامد كقولك : كأن زيدا أخوك ، وكأنه قائم ، وهذا المعنى كثير وروده فى كلام المولدين.
(و) من جملة أداة التشبيه لفظ (مثل) كقولك : زيد مثل عمرو (وما فى معناه) ، أى : معنى مثل مما يشتق من المماثلة ، وما يؤدى هذا المعنى كالمضاهاة والمحاكاة ونحو ذلك كقولك : زيد يضاهى ، أو يشبه ، أو يحاكى ، أو يماثل ، أو مضاه ، أو مشبه ، أو محاك عمرا فكل ذلك يفيد التشبيه ، والمتبادر أن هذه المشتقات إنما تفيد الإخبار بمعناها.
فقولك : زيد يشبه عمرا إخبار بالمشابهة كقولك : زيد يقوم ، فإنه إخبار بالقيام ، وليس هنا أداة داخلة على المشبه به ، ومثل هذا يلزم فى لفظ مثل فعدها من الأداة لا يخلو من تسامح ، (والأصل) ، أى : الكثير الشائع (فى نحو الكاف) أى : الأصل فيما هو مثل : الكاف مما يدخل على المفرد كلفظ مثل ، ونحو ، وشبه ، ومشابه ، ومماثل ، ونحو ذلك