ذلك من الضياء والظلمة المخلوطة به ، وذلك قبل الإسفار ، فعلى الأول تكون الإضافة فى قوله : (كأن غرته) إضافة البيان ، أى : كأن الغرة التى هى الصباح ، وذلك أن الغرة فى الأصل هى بياض فى وجه الفرس فوق الدرهم ، واستعيرت للإشراق فى ذلك الوقت ، فإذا أريد بالصباح الإسفار فهو كله بياض فيكون المراد بالغرة نفس الصباح ، وعلى الثانى تكون الإضافة على أصلها لإحاطة الظلمة فى ذلك الوقت بإشراق هو كالغرة بالنسبة لذلك الإظلام ، والخطب فى مثل هذا سهل ، وإنما تنزلنا له على عادتنا فى قصد بيان ما قد يتعلق ببيانه غرض الناظر فيه (وجه الخليفة حين يمتدح) هذا هو المشبه بالأصالة ضرورة أن إشراق الصباح أقوى ضياء وأظهر من إشراق وجه الخليفة ، لكن عكس التشبيه فجعله مشبها به ليوهم أن هذا المشبه به لفظا وهو وجه الخليفة أقوى من المشبه لفظا وهو الصباح ، أو غرته على قاعدة ما يفيده التشبيه بالأصالة من أن المشبه به أقوى من المشبه فى الوجه ؛ إذ قد اشتهر أن المشبه لا يقوى قوة المشبه به ، وقد عرفت أن هذه القوة أن حملت على كون الوجه أتم فى المشبه به على ما قررنا لم تطرد ، وإنما تلزم فى غرض التقرير كما تقدم ، وإن حملت على كونه أقوى فى المعلومية اطردت فى غالب الأغراض أو فى كلها على ما نبينه بعد ، وإذا أريد كما قررنا بالمشبه به ما كان كذلك لفظا ، وإن كان مشبها فى المعنى صح قوله قد يعود الغرض إلى المشبه به فلا يقال الغرض هنا عائد إلى المشبه فى المعنى فى التشبيه المقلوب ، وذلك لما قلنا من أنا نريد بالمشبه به ما كان كذلك لفظا ، والغرض هنا تقرير إشراق وجه الممدوح فى الذهن حتى لا يتوهم فيه نقصان زيادة فى مدحه ، فناسب هذا القلب الذى هو آكد تقريرا لإيهامه أنه أقوى من الصباح ، ولو شبه وجهه بالصباح أفاد الغرض ، لكن العكس أقوى ، وقيد إشراق وجه الممدوح على وجه يقتضى أكمليته على الصباح بحين الامتداح ليدل على معرفة حق المادح وعلى كرم الممدوح ؛ وذلك لأن من المعلوم أن إشراق الوجه حال الامتداح يدل على شيئين أحدهما قبول المدح ، وذلك يستلزم معرفة حق صاحبه لمقابلته بالسرور التام الواضح ، وإلا كان مقتضى الحال مقابلته بالعبوس والإعضاء ، ولو بأن يستر حملا إن كان الممدوح كريما ، والآخر كون الممدوح طبعه الكرم ؛ لأن الكريم هو