سننبه عليه عند إثباتنا بقوله تعالى : (هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَ)(١) تمثيلا للمفردين بلا تقييد ، وقد تقدمت الإشارة إلى هذا المعنى فى التركيب (كتشبيه) أى : ومثال التشبيه فى المفردين غير المقيدين تشبيه (الخد بالورد) فى الحمرة ، والحمرة وجه مفرد ، وقد تقدم أن المفرد طرفاه مفردان ؛ إذ لا يمكن تعلقه بمتعدد ما دام مفردا حقيقة ، والخد والورد لا يخفى إفرادهما ، ومن تشبيه المفرد بالمفرد بلا تقييد قوله تعالى : (هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ) أى : كاللباس لكم ، " وأنتم لباس لهن" أى : كاللباس لهن ، ووجه الشبه بين اللباس والرجل والمرأة أن كلا منهما يلاصق صاحبه ويشتمل عليه عند المعانقة والمضاجعة كما يلاصق اللباس صاحبه ويشتمل عليه ، وقيل كون كل منهما يستر صاحبه بالتزوج عما يكره من الفواحش كما يستر الثوب العورة ، وحيث اعتبر فى الوجه كونه اشتمالا أو سترا عما لا ينبغى استقل به اللباس ؛ لأن كل لباس موصوف بكونه بحيث يشتمل ويستتر به من غير توقف على كونه للرجال ولا على كونه للنساء ، فما أفاده المجرور وهو كونه للنساء أو للرجال لا يتوقف عليه الوجه ، وما لا يتوقف عليه الوجه لا يعد فى التقييد ولا فى التركيب ، إذ لا دخل فى التشبيه إلا لما يتوقف عليه ، ويؤخذ باعتباره ، فلهذا قلنا : إن هذا التشبيه من تشبيه المفرد بالمفرد بلا تقييد ، ولم نعد المجرور فى الطرف الذى هو اللباس قيدا وهو لكم ولهن فليفهم.
(أو) هما أعنى المفردين (مقيدان) بمجرور أو غيره مما يتعلق به وجه الشبه كما تقدم ، وقد جعل المصنف المقيد من المفرد كما أشرنا إليه فيما تقدم ، وذلك (كقولهم) فيمن لا يحصل من سعيه على طائل أى : على فائدة (هو كالراقم على الماء) ، وقد تقدم بيان هذا المثال ووجه الشبه بينهما استواء وجود الفعل وعدمه فى عدم الفائدة ، ولا شك أن هذا الوجه لا يستقل بأخذه مجرد معنى الراقم بدون نسبة رقمه إلى كونه على الماء ، وكذا لا يمكن أخذه من مجرد الساعى ما لم يعتبر كونه لا يحصل من سعيه على طائل ، فعدم حصوله على طائل من سعيه قيد فيه ، وبقولنا : فى الوجه هو استواء الفعل وعدمه فى نفى الفائدة ، يعلم أن ما تقدم من أن الوجه هو عدم الفائدة تسامح من
__________________
(١) البقرة : ١٨٧.