ذلك ، وقد تقدم تحقيق ذلك أيضا ، ومن تشبيه الشمس بالمرآة فى كف الأشل ، فإن الأول مفرد ، والثانى غير مفرد ، والوجه هو الهيئة المنتزعة من عدة أوصاف كل منهما التى هى بمنزلة الأجزاء ، وقد تقدم بيان ذلك أيضا ، ومن تشبيه المرآة فى كف الأشل بالشمس ، فإن الأول غير مفرد ، والثانى مفرد ، وعلى ما ذكر من دخول تشبيه الأفراد فى التمثيل يكون التشبيه أعم محلا من مجاز التمثيل بناء على ما اقتضاه ما يأتى للمصنف ، وفسر كلامه هنالك من أن الاستعارة فى المفرد لا يوجد فيها تمثيل ، ويحتمل أن يراد بالمنتزع من المتعدد ما لا أفراد فى طرفيه ، فيطابق ما سيأتى ـ والله أعلم ـ وعلى كل حال فالتشبيه التمثيلى عند الجمهور أعم مما كان الوجه فيه حقيقيا ، بأن يكون حسيا ، كما فى تشبيه مثار النقع مع الأسياف بالليل مع الكواكب فإنهما مركبان ، ومما كان غير حقيقى كما فى تشبيه حال المنافقين بحال الذى استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم ، فى قوله تعالى : (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً)(١) الآية ، وأما السكاكى فخص التمثيل بغير الحقيقى ، وإلى هذا أشار بقوله : (وقيده) أى : وقيد (السكاكى) الوجه المنتزع من متعدد الذى يسمى تشبيهه تمثيلا (بكونه) أى : بكون ذلك الوجه (غير حقيقى) حيث قال التشبيه به متى كان وجهه وصفا غير حقيقى ، وكان منتزعا من عدة أمور ، خص ذلك التشبيه الذى وجهه على الوصف المذكور باسم التمثيل ، وذلك (كما) أى : كالوجه الموجود (فى تشبيه مثل اليهود) أى : حال اليهود وقصتهم (بمثل الحمار) يحمل أسفارا ، فإن وجه الشبه فى ذلك ـ كما تقدم ـ حرمان الانتفاع بأبلغ نافع مع الكد والتعب فى استصحابه ، ولا شك أن هذا وصف منتزع من متعدد وهو عائد إلى التوهم ، ولا يخفى أن الكد المرعى فى الوجه هنا إن أريد به الكد الحسى لم يكن مجموع الوجه غير حقيقى ، وعليه يكون المراد بغير الحقيقى ما هو هيئة تتعلق بما ليس مجموعه حقيقيا ، ولك أن تحمله على الكد المعنوى ، وعليه فلا يفتقر لما ذكر ، والتقسيم العقلى فى الوصف هو أنه إما أن يكون حسيا خارجيا أو يكون عقليا وجوديا ، وكلاهما حقيقيان ، أو يكون اعتباريا محضا لا وجود له إلا فى
__________________
(١) البقرة : ١٧.