سميت رجلا بخصوصه بأحمر لوجود الحمرة فيه ـ لم يلزم تسمية غيره بالأحمر ؛ لأن التسمية الخاصة لا تتعدى ولو كانت لسبب ، كما لا تنتفي بانتفاء السبب فيسمى أحمر ولو انتفت الحمرة. وإنما يلزم الاطراد والانتفاء بالانتفاء في الأوصاف التي إنما يقصد بها الإشعار بالمعانى دون الذوات بخصوصها ، فتشتق من المعنى وتوضع وضعا كليا ؛ فالقائم والأحمر ـ مثلا ـ إذا كانا وصفين فيما وضعا لمن وصف بالقيام والحمرة من غير رعاية خصوص الموصوف ـ فيتبع وجود المعنى في الشيء صحة الإطلاق عليه ، ويتبع عدمه عدم صحة الإطلاق. فالحقيقة ولو وجد فيها المعنى المذكور لا تسمى مجازا إذ لم يطلق المجاز على معناه ليشعر بالمعنى الذي اشتق منه فيتبعه ثبوتا ونفيا كما في الأوصاف وأسماء الأماكن بل اعتبر المعنى لترجيح الاسم للتسمية من غير قصد وضعه للمعنى الوصفي ، وكذا الحقيقة تختص بمعناها ولا يسمى المجاز باسمها لوجود معنى الحق والثبوت فيه باعتبار المعنى المنقول إليه.
ثم لما كان المجاز قسمين ـ كما ذكر : مفرد ، ومركب ، وهما متباينان ، وجمع المتباينين في حد واحد غير ممكن إلا بما يشعر بواحد منهما بخصوصه ، والمقصود الخصوص ـ عرف كلا منهم على حدة ، وقدم المفرد منهما لبساطته ، فقال : (أما المفرد) أي : المجاز المفرد (فهو الكلمة المستعملة) فالكلمة جنس خرج عنه الكلام بناء على أصل إطلاقها ، والمستعملة فصل خرج به الكلمة الموضوعة قبل الاستعمال فلا تسمى مجازا كما لا تسمى حقيقة (في غير ما وضعت له) فصل خرج به الكلمة المستعملة فيما وضعت له على الإطلاق وهي الحقيقة ؛ سواء كان لفظها مرتجلا بأن لا يتقدم له وضع كسعاد وأدد ، أو منقولا بأن تقدم له وضع كزيد علم على شخص ، وسواء كان الارتجال والنقل في العلمية كما مثل ، أو في الجنسية كالعين في المعنى الثاني ؛ إذ لا بد أن يتقدم أحد الوضعين ، وكالأسد في الأول. ودخل في المنقول المشترك مطلقا إذ ليس من شرط النقل وجود المناسبة. نعم ، المشترك إذا تعدد فيه الوضع مع عدم الشعور بالوضع الأول فلا يسمى منقولا ، وهو من الحقيقة كما تقدم ، اللهم إلا أن يعني بالنقل تقدم الوضع ووجود آخر بعده بلا قرينة فلا يخرج ما ذكر عن المنقول ، ولكن