وجدان مثل هذا الشبه فيه وهو في أنف الدابة أقوى كان استعارة والحاصل أن خصوص كون القطع بالجناح الموجب للسرعة الشديدة روعى في التشبيه فألحق به العدو لتلك السرعة فكان الطيران استعارة والغلظ والانبطاح مع استعمال المرسن ، لم يراع في نقل لفظ المرسن ، إذ لم يشبه أنف الإنسان به بل نقل لفظ ذلك الخاص إلى ما هو أعم من غير تشبيه فكان مجازا مرسلا وبالجملة فالطيران والتقطيع مثلا فيما نقل إليه من باب تشبيه نوع مخصوص بنوع مخصوص في وجه ، وهو في أحد الحاصلين أقوى ، والمرسن فيما نقل إليه من باب نقل الخاص إلى الأعم بحيث لا يشعر فيه بالخصوص الذي كان في المنقول عنه المقتضى لاعتبار وجه هو فيه أقوى فليتأمل.
وليس من هذا القبيل نقل الأسد للرجل ؛ لأن الشجاعة التى هى الوجه لم تعتبر في حقيقة المنقول إليه إذ هو الرجل المقيد بالشجاعة لا الرجل والشجاعة ولا في المنقول عنه ؛ لأنها فيه قيد أيضا وقد تقدم ما يفيد هذا.
(وإما غير داخل) هو معطوف على قوله إما داخل أى : الجامع بين الطرفين في الاستعارة إما أن يكون داخلا في مفهومهما وإما أن يكون غير داخل ، وغير الداخل يشمل ثلاثة أقسام :
القسم الأول : ما يكون خارجا عنهما (كما مر) في استعارة الأسد للرجل الشجاع في الجراءة فإنها لازمة للطرفين معا ؛ لأن المستعار منه الأسد المقيد بالجراءة والمستعار إليه هو الرجل المقيد بها ، والقيد خارج عن المقيد كما تقدم ومثل ذلك استعارة الشمس للوجه المتهلل في الاستدارة والإشراق لظهور خروج الاستدارة والإشراق عن حقيقة كل منهما ، كما ظهر خروج الجراءة عن الرجل والأسد وذلك لتحقيق كون المستعار منه في الاستدارة والإشراق ليس هو الشمس مع تلك الاستدارة والإشراق. كما أن المستعار إليه فيهما ليس هو الوجه معهما بل المستعار له هو الوجه المقيد بهما والمستعار منه هو الشمس المقيدة بهما ، وذلك ظاهر بيناه زيادة في الإيضاح.
والقسم الثاني : ما يكون خارجا عن المشبه به فقط ، كقطع المسافة بسرعة في استعارة الطيران بناء على دخوله في مسمى العدو ولزومه لمسمى الطيران.