باللفظ وهو في التحقيق عائد للاحتمال الأول كما لا يخفى ؛ إذ لا معنى للإضمار في اللفظ إلا استحضار أن معناه مشبه بغيره والاستحضار نفسي وإذا أضمر التشبيه في النفس على الوجه المذكور أبقى الكلام على أصله.
(فلا يصرح بشيء من أركانه) أي من أركان التشبيه المضمر في النفس (سوى المشبه) أي لا يصرح من الأركان إلا بالمشبه ؛ لأن الكلام يجري على أصله والمشبه هو الأصل إذ لو صرح مع ذلك بالمشبه به أو بالأداة لم يكن التشبيه مضمرا كما لا يخفى وما تقدم من أنه يجب في التشبيه أن يذكر المشبه به إنما هو في التشبيه المصطلح عليه وهو ما يدل عليه بالأداة ظاهرة أو مقدرة ، وهذا التشبيه المضمر المسمى بالاستعارة بالكناية ليس من قبيل التشبيه المصطلح عليه ؛ لأن الإضمار والدلالة بالأداة الملفوظة أو المقدرة في المشبه به متنافيان مع زيادة أن التشبيه المضمر يعتبر فيه المبالغة ، وادعاء دخول المشبه في جنس المشبه به بخلاف التشبيه الاصطلاحي.
ولما كان التشبيه المضمر خفيا والكلام يحتاج فيه إلى بيان المقاصد احتيج إلى ما يدل إليه ويسمى إثبات ذلك الدال تخييلية كما يأتي وإلى ذلك أشار بقوله : (ويدل عليه) أي وتقع الدلالة من المتكلم على ذلك التشبيه المضمر (ب) أمر وهو (أن يثبت ل) ذلك ل (لمشبه) الذي لا يذكر من الأطراف غيره (أمر مختص بالمشبه به) بأن يكون من لوازمه المساوية له ، فإذا أضمر تشبيه المنية بالسبع مثلا أثبت للمنية التي هي المشبه ما هو من خواص الأسد الذي هو المشبه به ويجب أن يكون ذلك اللازم مما يكون به كمال وجه الشبه في المشبه به أو قوامه على ما يذكره المصنف ، ومثال ما به الكمال الأظفار في الأسد فإن الشجاعة والجراءة فيه التي هي الوجه لم يكمل مقتضاها الذي هو الافتراس ألا بتلك الأظفار كما قيل :
وما الأسد لو لا البطش إلا بهائم
ولا بطش بدون الأظفار ومعلوم أن الذي أثبت للمشبه على هذا نفس خاصة المشبه به ولم توجد في المشبه فيكون إثباتها لتدل على التشبيه ؛ لأن إثبات خواص الشيء لغيره يدل على أنه ألحق به ونزل منزلته فيفهم التشبيه وإلا كان الكلام تهافتا ، وإذا