المشبه ؛ لأنهما استعملا فيما ادعي أنه نفس أصلهما فكانا كنايتين باعتبار الإشعار بالأصل وبه يعلم أن مذهب السلف لا يقتضي ملازمة التخييلية للمكنى عنها لصحة كون قرينتها عندهم استعارة تصريحية إلا أن يدعي أنها تصريحية باعتبار المعنى المقصود في الحالة الراهنة وتخييلية باعتبار الإشعار بالأصل وعلى ظاهر مذهب المصنف من أن التخييلية استعملت في معناها حقيقة يكون نحو شجاع يفترس أقرانه ليس من المكنى عنها في شيء ، وكذا نحو (يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ) بل يكون الافتراس والنقض تصريحيتين تبعيتين والعهد تجريد في الثانية ، والأقران والشجاع تجريد في الأولى ، وذلك يخالف ما دققه الزمخشري فيهما حتى ادعى أن ذلك من لطائف البلاغة ، وإنما كان ذلك من لطائف البلاغة ، لأن التوصل إلى المجاز بالكناية أغرب وأقوى من ذكر نفس المجاز كما لا يخفى ، ثم أشار إلى مثال آخر فيه الاستعارة بالكناية والتخييلية فيها ، مما يكون به قوام الوجه الذي هو أحد القسمين السابقين ، وإنما أتى به مع تقدم مثال آخر فيه للإشارة إلى أن من أمثلة المكني عنها ما يصح أن يكون من التصريحية على ما يقرره بتأويل سيذكره فيه فقال : (وكذا قول زهير صحا) (١) من الصحو وهو الإفاقة من السكر ، استعير هنا للسلو وارتفاع العشق والرجوع عنه بجامع انتفاء ما يغيب عن المراشد والمصالح فصحا بمعنى سلا (القلب عن (حب) سلمى وأقصر باطله) يقال : أقصر عن الشيء إذا أقلع عنه وتركه مع القدرة عليه ، وقصر عنه إذا تركه مع عدم القدرة عليه ، وباطل القلب ميله إلى الهوى ، ومعنى أقصر باطل القلب امتنع عنه وتركه بحاله الأولى فعلى هذا لا يحتاج إلى أن يجعل الكلام من باب القلب ، وأن الأصل : أقصر القلب عن باطله ، ومعلوم أن الاستناد إلى الباطل مجازي بناء على أن الإقصار ترك الشيء مع القدرة عليه (وعرى) القلب (أفراس الصبا ورواحله) أي رواحل الصبا ومعنى تعرية القلب أفراس الصبا أن يحال بينه وبين تلك الأفراس وتزال عنه ، ويحتمل أن يكون نائب فاعل عرى هو الأفراس فيكون المعنى أن أفراس الصبا ورواحله عريت من سروجها
__________________
(١) البيت فى شرح المرشدى على عقود الجمان (٢ / ٥٢) ، وهو لزهير فى ديوانه ص (١٢٤) ، والمصباح ص (١٣٢).