كناية عن ثبوت معنى الأسدية للمنية يستدعي تبعية إطلاق لفظ السبع على المنية فبهذا الاعتبار كانت الأظفار كناية عن اللفظ أيضا ؛ لإشعارها به وأما رد كلام المصنف إلى هذا فهو نهاية التكلف ؛ لأن كون التخييلية دليلا على التشبيه كما هو صريح مذهبه لا يستلزم كونه دليلا على ثبوت معنى المشبه به للمشبه المستلزم لاعتبار نقل اللفظ الذي هو مذهب غيره فظاهر مذهبه ينافي ما ذكرت وإن كانت المبالغة في التشبيه تقتضي النقل لكن تصريح المصنف بالتشبيه يبعد كون التخييلية دليلا على النقل.
لا يقال بعد ذلك كله لا يصدق أنه لفظ استعمل في غير معناه فلا يكون مجازا لغويا أيضا ؛ لأنا نقول المجاز اللغوي هو ما استعمل حقيقة أو تقديرا فهذا المذهب أحق من غيره وأقرب لما تقرر تأمل.
فقد ظهر مما ذكر الزمخشري أنه فهم من كلام الأقدمين أن المستعار في المثال لفظ السبع مثلا وقد ترك تصريحا ورمز إليه ببعض روادفه وهذا الكلام ذكره في قوله تعالى : (الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ)(١) حيث قال شاع استعمال النقض في إبطال العهد بعد تشبيه العهد بالحبل في كونه وصلة بين المتعاهدين كما يصل الحبل بين متعلقيه ثم نظر بشجاع يفترس أقرانه وقد فهم من كلام الزمخشري أن قرينة الاستعارة بالكناية قد تكون استعارة تصريحية فإن النقض على ما ذكره استعير لإبطال العهد ، وكذا الافتراس استعير لإهلاك الأقران ومع ذلك فكل منهما قرينة وذلك حيث يقتضي الحال أن التشبيه في الأصل للمكنى عنه كالحبل هنا فإن استعارة النقض إنما تعتبر بعد تشبيه العهد بالحبل إذ لم يستعمل النقض مستقلا عن العهد فيكون ضابط القرينة على هذا أن يقال : إن كان للمشبه في المكنى عنها لازم يشبه ما يرادف المشبه به كانت تلك القرينة منقولة استعارة تحقيقية كما فى (يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ) وشجاع يفترس أقرانه ، وإن لم يكن للمشبه لازم يشبه الرديف كانت القرينة تخييلية كما في أظفار المنية وإنما صح كون الافتراس والنقض كناية عن الاستعارة المكنى عنها مع استعمالهما في معنى هو لازم المشبه ؛ لأنهما استعملا فيما ادعي أنه نفس أصلهما فكانا كنايتين باعتبار الإشعار
__________________
(١) البقرة : ٢٧.