(ويحتمل أنه) أي زهيرا (أراد) بالأفراس والرواحل (دواعي النفوس وشهواتها) من عطف المرادف في هذا المحل إذ الدواعي هنا هي الشهوات (والقوى الحاصلة لها في استيفاء اللذات) فإن أراد بالقوى الحاصلة في الاستيفاء ما يحمل على الاستيفاء فهي الشهوات والدواعي المذكورة أيضا ، وإن أراد ما تستعين به النفوس من الصحة والفراغ والتدبير والجهد الروحاني والبدني كان من عطف المباين وعلى كل حال فوجه الشبه بين الدواعي وما ذكر وبين الأفراس والرواحل كون كل منهما آلة لتحصيل ما لا يخلو الإنسان عن المشقة في تحصيله.
(أو الأسباب) أي : يحتمل أن يريد زهير ما ذكر ويحتمل أن يريد بالأفراس والرواحل الأسباب الظاهرية (التي قلما تتآخذ) أي تجتمع من قولك : تآخذت هذه الأمور إذا أخذت بعضها بعضد بعض فاجتمعت أي : لا تجتمع غالبا (في اتباع) أي : عند اتباع أفعال (الغى إلا أوان الصبا) وتلك الأشياء التي لا تجتمع غالبا إلا في وقت الصباء عنفوان الشباب هي مثل المال والمنال والأعوان لكثرة المساعدين من الأقران حينئذ ولوجود جهد الاكتساب للمال إذ ذاك ، وإذا أراد زهير هذا التشبيه (ف) حينئذ (تكون الاستعارة) أي : الاستعارة المعتبرة في البيت وهي استعارة الأفراس والرواحل (تحقيقية) لأن المعنى الذي نقل له لفظ الأفراس والرواحل متحقق عقلا إذا أريد الدواعي لأنها وجودية ولو لم تحس ومتحقق حسا إذا أريد به أسباب اتباع الغي من المال والمنال والأعوان والأقران لوجودها حسّا بالسماع والشهود ، وإنما قلنا لا يصح على هذا الاحتمال ولا على الأول أن يراد بالصباء : اللعب مع الصبيان لأن اللعب مع الصبيان لا يناسبه قوله سلا القلب عن سلمى ولا تناسبه الأفراس والرواحل ولا استعارتها إلا أن يراد باللعب فعل أفعال أهل الهوى والشبان فيعود لمعنى التفسير الأول ، وينبغي أن يعلم أن كون الاستعارة تحقيقية لا ينافي وجود المكنى عنها على ما تقدم في مذهب السلف ، وإنما ذلك على مذهب المصنف ، وإنما زاد هذا المثال مع كونه بناه على أن الاستعارة فيه بالكناية داخلة في القسم الثاني للإشارة إلى أن من الأمثلة ما يمكن فيه اعتبار الأمرين أعنى الاستعارة بالكناية والتحقيقية ، ولذلك