بالدعوى في جنس المسمى وبذلك يعلم أن معنى وضع المجاز مع القرينة ادعاء انسحاب حكم الوضع الأول على المشبه به لا أن ثم وضعا أي : تعيينا حسيا زائدا على ذلك الادعاء إذ لا دليل عليه سواء قلنا : إن المجاز موضوع نوعا أو شخصا ؛ لأن النوع لا بد من شخص يتحقق فيه ، والذي حصل بالتحقيق في الشخص الذي حصل به وضع النوع هو ذلك الادعاء وقد تقدم الإشارة إلى هذا فليتأمل.
ولما كان هذا الكلام يشمل ما إذا ذكر اسم المشبه به وأريد به المشبه ، ويشمل ما إذا ذكر اسم المشبه وأريد به المشبه به احتيج إلى مثالين فالأول : هو أن تذكر اسم المشبه به وتريد به المشبه كما تقول في الحمام أسد وأنت تريد به الرجل الشجاع مدعيا أنه من جنس الأسد ، فلما ادعيت دخول المشبه وهو الرجل الشجاع في جنس المشبه به وهو الأسد أثبت له ما يخص المشبه به وهو اسم جنسه أي حقيقته الذي هو لفظ الأسد ، وقد تقدم أنك تجعل لفظ الأسد بذلك الادعاء له فردان متعارف وغيره ، والقرينة إنما هي لنفي المتعارف لا لنفي الحقيقة عن المستعمل فيه وإلا كان ذلك منافيا للإصرار على أن له تلك الحقيقة.
والثاني : وهو أن تذكر لفظ المشبه وتريد به المشبه به كما تقول أنشبت المنية أظفارها بفلان وأنت تريد بالمنية التي هي اسم المشبه معنى السبع الذي هو المشبه به ولكن لا تريد بها السبع الحقيقي بل السبع الادعائي ؛ لأنك تدعي السبعية بمعنى المنية وبهذا يعلم أن قول السكاكي أن تذكر أحد الطرفين وتريد الآخر يعني الآخر حقيقة أو ادعاء فلما أطلقت لفظ المنية على السبع الادعائي وهو معنى المنية المدعي لها السبعية أثبت لها ما يخص السبع المشبه به وهو الأظفار ، ولما أثبت لها الأظفار التي هي للسبع الحقيقي صارت مع الأظفار كالسبع معها في أنها كذلك ينبغي أن تكون لأنه كذلك ينبغي أن يكون ؛ فأبرزت في الأظفار بروز المستعير في العارية كما برز الرجل الشجاع في لفظ الأسد بروز المستعير في العارية فإنه يساوي صاحبها في التلبس ، وإنما اقترنا في أصل التملك نحو هذا الكلام عند