أن قسم الشيء أخص منه ، فيلزم كون الاستعارة أخص من المفرد فتكون كل استعارة مجازا مفردا فحينئذ تستلزم الإفراد لكونها أخص من المفرد ؛ لأن لازم الأعم لازم للأخص فيلزم من عدها تمثيلية عدها وهي مفردة مما يكون مركبا ، وهو فاسد فلا يصح دفع البحث بما ذكر.
قلت : لا يلزم من تقسيم المجاز المفرد إلى الاستعارة وغيرها وجعل الاستعارة قسما من المفرد أن تكون أخص من المفرد فتكون كل استعارة مجازا مفردا ، وذلك أنه يصح تقسيم الشيء إلى ما هو في نفسه ليس أخص من المقسم بل بينه وبين المقسم عموم وخصوص من وجه ، كما إذا قسمت الأبيض إلى الحيوان وغيره فإن الحيوان الذي قسمت إليه الأبيض بينه وبين الأبيض عموم وخصوص من وجه فيجتمعان في الحيوان الأبيض وينفرد الأبيض في نحو الجص وينفرد الحيوان في نحو الزنجي فعلى هذا تقسيم المفرد إلى الاستعارة وغيرها لا يستلزم كون الاستعارة أخص منه بل يجوز أن تؤخذ في التقسيم على أن بينها وبينه عموما من وجه فيجتمعان في نحو : الأسد يطلق على الرجل الشجاع بواسطة المبالغة في التشبيه وينفرد المجاز المفرد في نحو : العين تطلق على الربيئة مجازا مرسلا ، وتنفرد الاستعارة عن المفرد في نحو : أراك تقدم رجلا وتؤخر أخرى فإذا صح كون الاستعارة ليست أخص من المفرد بل بينها وبينه عموم من وجه صح تقسيمها إلى التمثيل وغيره ، فتستلزم التركيب في التمثيل ، وتستلزم الإفراد في غيره فيكون صدق المجاز المفرد عليها إنما هو في المفرد التي تجتمع معه فيه لا فيما تنفرد عنه فيه ، وإنما قلنا : لا يلزم أن يكون القسم أخص في نفسه أي من حيث ذاته إشارة إلى أنه من حيث إنه قسم لا بد أن يكون أخص لأن الحيوان من حيث إنه قسم إنما يصدق على الحيوان الأبيض ، لكن اللفظ الذي عبر به عنه يجوز أن لا يكون مفهومه أخص كما في المثال ، على أنا إنما نحتاج إلى هذا في دفع البحث أعني : جعل الاستعارة التي انقسم المجاز إليها أعم من الاستعارة في المفرد إذا ارتهنا بأن المجاز اللغوي أراد به السكاكي المجاز المفرد المفسر بالكلمة إلخ.