فإن قيل : قولكم إن الصورة الوهمية يمكن إثباتها للمشبه ينافي ما قررتم فيما تقدم من أن الإثبات استعارة كالمجاز العقلي على كل قول قلنا معنى إمكان الإثبات إمكانه بالتوهم ، وإلا فلا يخفى أن إثبات موهوم منتف في نفس الأمر لما تحقق تجوز ، فإن المنية معنى متحقق وثبوت الأظفار الوهمية ليس بأمر كائن في نفس الأمر ؛ لفرض أنه توهم ، والتوهم لا حقيقة له في نفس الأمر فهو تجوز على كل حال ومع هذا كله فلقائل أن يقول : ما المانع من أن يدعي أن كل محل صح فيه الترشيح صح فيه التخييل والعكس ، ولا يقتضي ذلك اتحاد حقيقتهما. وذلك بأن تقول : إن اعتبر لازم المشبه به مع معنى المشبه حقيقة أو مجازا لتثبت الاستعارة كان تخييلا ؛ لأنه لإثباتها إذ لا تثبت المكنى عنها إلا بالتخييلية ؛ ولذلك اختصت بذكر اسم المشبه ، وإن اعتبر اللازم حقيقة أيضا أو مجازا لتقرير الاستعارة وتقويتها بعد ثبوتها كان ترشيحا فمن مفهومهما يؤخذ اختلافهما ولا يضر احتمال المحال لكل منهما كما تقدم في المكنى عنها مع التصريحية تأمله.
ثم أشار إلى ما أراده السكاكي بالمكنى عنها مبنيا على تفسيره الاستعارة بأن تذكر أحد الطرفين وتريد به الآخر ليكون تمهيدا للاعتراض عليه في ذلك فقال (وعني) أي وأراد السكاكي (ب) الاستعارة (المكنى عنها أن يكون) الطرف (المذكور) من طرفي التشبيه (هو المشبه) أي : لفظ الطرف المشبه ، ويراد الآخر الذي هو المشبه به ولا يخفى أن المكنى عنها هو نفس اللفظ وتسمية كونه هو المذكور استعارة مكنيا عنها إنما هو باعتبار المصدر المتعلق باللفظ ، والخطب في مثل ذلك سهل للزوم علم أحدهما من علم الآخر ويجري كلام السكاكي المذكور ويصح (على أن المراد بالمنية) في مثل وإذا المنية أنشبت أظفارها (هو السبع) وذلك ؛ لأن المشبه هو المنية وهو المذكور فيلزم أن يكون المراد هو الطرف الآخر وهو السبع ولما كان إرادة السبع الحقيقي ـ في نحو المثال ـ لا تصح أشار إلى ما يصح به إرادة الطرف الآخر بقوله : وإنما صح إرادة السبع مع أن المراد الموت قطعا (ب) اعتبار (ادعاء) ثبوت (السبعية لها) وذلك بسبب إنكاره بالدعوى الحالية أن تكون المنية شيئا آخر غير السبع ، وادعاء ثبوت السبع لها كائن ومتحقق (بقرينة إضافة الأظفار) التي هي من خواص السبع (إليها) أي إلى المنية ، فقوله : وإذا المنية ، ثبت فيه على هذا أنه أطلق المنية على السبع الادعائي فصح بذلك أنه أطلق المشبه وهو المنية الذي هو أحد الطرفين وأراد به المشبه به الذي هو السبع في الجملة وهو الطرف الآخر وقوله بقرينة يفيد أنه لا قرينة للمكنى