ويدل على ذلك أن الاستعارة التصريحية المشمولة للتعريف إنما أريد باللفظ فيها معنى الطرف الآخر حقيقة ، ولو حمل كلامه على ما ذكر لزم إطلاق الطرف المراد في كلامه على حقيقته ومجازه والجمع بين الحقيقة والمجاز ـ لا سيما في التعريف ـ ممنوع وعلى تقدير جوازه فلا بد من قرينة التعميم وهي منتفية وأيضا لو كان نحو هذا الحمل مقبولا جوابا لم يرد بحث ؛ لدفعه بحمل الكلام على ما لا يحتمله ظاهره إذ كل كلام يمكن فيه ذلك ، ولما كان حاصل هذا منع إرادة السبع بالمنية ـ في المثال ـ وبيان أن المراد بها الموت الحقيقي وكان فيه مظنة أن يقال : إذا كان المراد نفس الموت لا السبع فما بال الأظفار أضيفت لها مع أنها معلومة الانتفاء عنها؟ فلو لا أنه أريد بالمنية معنى السبع لم يكن معنى لذكر الأظفار معها وإضافتها لها ؛ لأن ضم الشيء لغيره معناه هدر ولغو يتحاشى عنه اللفظ البليغ. أجاب عن ذلك بقوله (و) لا منافاة بين إرادة نفس الموت بلفظ المنية وإضافة الأظفار لها إذ (إضافة نحو الأظفار) في الاستعارة المكنى عنها إنما كانت ؛ لأنها (قرينة التشبيه) المضمر في النفس ؛ لأنها تدل على أن المنية ألحقت في النفس بالسبع فاستحقت أن يضاف لها ما يضاف له من لوازمه فإضافة الأظفار حينئذ مناسبة لتدل على التشبيه المضمر وهذا الاعتراض كأنه من أقوى الاعتراضات على السكاكي وقد أجيب عنه بنحو ما أوردناه ودفعناه آنفا وحاصله مع البسط أن المنية في نحو وإذا المنية أنشبت أظفارها مستعملة في غير معناها وهو السبع ادعاء ؛ لأنا جعلنا المنية نفس السبع وأنكرنا أن تكون غيرها فصح لنا بذلك الاعتبار أنا استعملنا أحد الطرفين في الآخر.
ولما كان هنا مظنة أن يقال : جعل المنية نفس السبع بالمبالغة في التشبيه يقتضي إطلاق لفظ السبع عليها لا إطلاق لفظ المنية عليه حتى يصح لنا أن نطلق لفظ المنية الذي هو لأحد الطرفين ونعني به الآخر زاد المجيب بيانا يظهر به الأمران معا أعني وجه إثبات السبعية لها ليتم الإطلاق على السبعية ، وإن تقدم ما يغني عن إعادة هذا الوجه ووجه صحة إطلاق لفظ المنية على السبع أنه لا يتم صحة الإطلاق المذكور إلا بهما معا فقال : وذلك أنا جعلنا اسم المنية مرادفا لاسم السبع ولكن جعلنا إياها مرادفا ليس بإحداث وضع مستقل فيها فيكون من باب إبلاغ الاشتراك اللفظي فيها ، فتخرج عن معنى الاستعارة وإنما ذلك بالتأويل فإنه صح لنا بطريق المبالغة في التشبيه أن يتناول معنى المشبه فردا من أفراد المشبه به إلا أنه غير متعارف فبذلك صح لنا أن نطلق عليه لفظ المشبه به استعارة تصريحية وتجعل