الإشعار بها في ذلك المحكوم عليه كما ذكرنا ، فعلى هذا يكون لفظ المنية مستعملا في الطرف الآخر ، أي : مفهما له وقصد من حيث إفهامه لا من حيث وجوده بل لينتقل منه إلى ذلك الموجود ، فإن قلت : لفظ المنية هنا على هذا الجواب هل استعمل لإفادة هذه الحيثية بطريق التشبيه أو بطريق المجازية الإرسالية؟ قلت : بل بطريق التشبيه ، فإنا بعد أن شبهنا المنية بالسبع وجعلنا المنية مرادفة له أفهمنا بها معنى السبعية ولو لم توجد في الخارج على حد إفهامها في المنية عند التصريح بلفظ السبع في الاستعارة التصريحية ؛ لأن المنية على هذا مرادفة للسبع فكما يفيد السبعية في الرجولية باللزوم لكن بواسطة التشبيه فكذلك لفظ المنية المرادف لهذا التأويل تأمله ؛ فإنه نهاية ما يمكن هنا ويرد عليه أن نحو الأسد للرجل الشجاع أفهم بالذات الأسدية فيه فعلى ما ذكر يكون حقيقة لإفهامه حيثية هي أصله والله أعلم.
ثم أشار إلى ما ذكره السكاكي في الاستعارة التبعية تمهيدا للاعتراض عليه في ذلك فقال (واختار) السكاكي (رد) الاستعارة (التبعية) وهي التي تكون في الحروف والأفعال وما يشتق منها كاسم الفاعل واسم المفعول واسم الزمان والمكان المشتقين (إلى) الاستعارة (المكنى عنها) أي اختار إدخال التبعية في المكنى عنها وذلك (ب) واسطة (جعل قرينتها) أي قرينة التبعية (مكنيا عنها) وقد تقدم أن مدار قرينتها على الفاعل كما في نطقت الحال أو على المفعول ك : نقريهم لهذميات أو المجرور ك (فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ)(١) ، فإذا كانت القرينة في التبعية هي الفاعل مثلا فليجعل ذلك الفاعل استعارة بالكناية بأن يقدر تشبيه الحال بالإنسان الناطق ، ومن المعلوم أن جعل القرينة في التبعية مكنيا عنها لا يمكن إن كانت القرينة حالية وذلك مما يضعف ما ذكر السكاكي فإذا كانت لفظا أمكن ما ذكر (و) تكمل بجعل الاستعارة (التبعية) التي هي الفعل في المثال (قرينتها) أي بجعل الفعل في المثال الذي كان تبعية على مذهبهم هو قرينة المكنى عنها التي هي نفس الفاعل الذي كان قرينة للتبعية فحينئذ تجري التبعية (على نحو قوله) أي على مثل ما قاله السكاكي (في المنية وأظفارها) وقد تقدم الذي قال وهو أن الأظفار استعملت في صورة وهمية على أنها قرينة
__________________
(١) التوبة : ٣٤.