المكنى عنها فلم تستلزم التخييلية المكنى عنها ولم توجد فيه المكنى عنها بدون التخييلية فيصح أن المكنى عنها عند السكاكي وجدت بدون التخييلية فلم تستلزم المكنى عنها التخييلية فلا يصح جعل كلام السكاكي ، وهو قوله : لا تنفك المكنى عنها عن التخييلية على معنى أن التخييلية لا توجد بدون المكنى عنها ضرورة وجودها دونها في المثال المذكور ، فوجب حمله على ظاهره كما فهمه المصنف عنه ، وهو أن المكنى عنها تستلزم التخييلية وهو المراد باللزوم السابق دون العكس ، وإذا وجب حمله على ذلك كان الحمل على العكس المذكور الذي هو خلاف ذلك فاسدا ، فلا بحث في كلام المصنف من هذا الوجه ، نعم يبحث في كلامه في حكاية الاتفاق على أن المكنى عنها لا توجد بدون التخييلية ، وكيف يصح ذلك مع أن كلام صاحب الكشاف مشعر بل مصرح بخلاف ذلك كما تقدم في قوله تعالى (يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ)(١) وأن النقض استعارة تصريحية عن إبطال العهد ، وهي قرينة للمكنى عنها التي هي العهد إذ هي كناية عن الحبل ، فقد وجدت المكنى عنها عنده بدون تخييل ؛ لأن النقض الذي هو القرينة ليس بتخييل ، إذ التخييل إما إثبات حقيقة لغير معناها كما عند الجمهور وإما إثبات صورة وهمية كما عند السكاكي على ما تقدم بيانه فإن حمل الاتفاق على معنى اتفاق الخصمين أعني السكاكي والمصنف لم يصح أيضا ؛ لأن السكاكي صرح أيضا بما يقتضي عدم الاستلزام حيث قال في باب المجاز العقلي : قرينة المكنى عنها قد تكون أمرا وهميا كأظفار المنية يعني فتكون تخييلا كما تقدم وقد تكون أمرا محققا كالإنبات في أنبت الربيع البقل والهزم في هزم الأمير الجند ، ومن المعلوم أن لا تخييل في الأمر المحقق عنده فقد أثبت المكنى عنها فلا تخييل ، فإن قلت : قد قررت عنه بما ذكرت آنفا أن المراد بعدم انفكاك المكنى عنها عن التخييلية أنها تستلزم التخييلية لا أن التخييلية تستلزم المكنى عنها ، فإنه نفاه كما في أظفار المنية الشبيهة بالسبع وبه رددت على من حمل كلامه على استلزام التخييلية للمكنى عنها ليرد به اعتراض المصنف حيث ألزمه وجود المكنى عنها بدون
__________________
(١) البقرة : ٢٧.