التخييل فرد عليه ذلك القائل بأن قوله لا يقتضي إلا أن التخييلية تستلزم لا أن المكنية تستلزم حتى ينقض بوجودها بدون لازمها على ذلك التقدير الذي هو كون نحو نطقت من نطقت الحال حقيقة ، وعلى ما حكى عنه في المجاز العقلي يصح كلام ذلك الحامل ويبطل اعتراض المصنف الحامل له على خلاف ذلك لبطلان الاتفاق بالوجهين حينئذ معا.
قلت : اعتراض المصنف مبني على مؤاخذته بظاهر تلك العبارة وهو الأقرب ؛ لأن تأويلها على العكس يتوقف على أنه يقول باستلزام التخييلية للمكنى عنها وهو باطل كما قال في أظفار المنية الشبيهة بالأسد ، وهذا المثال صرح به في بابه وما ذكر من عدم استلزام المكنى عنها للتخييلية صرح به في باب آخر ، والاعتراض إنما هو على ما صرح به من عدم انفكاك المكنى عنها عن التخييلية ، بمعنى أنها تستلزم التخييلية إذ يناقضه ما ذكره من إدخال التبعية فيها بناء على إرادة الحقيقة بما جعله قرينة للمكنى عنها ، والحاصل أنه لما صرح في هذا الباب بعدم الانفكاك وصرح فيه بعدم استلزام التخييلية للمكنى عنها ؛ وجب حمل عدم الانفكاك على ظاهره الذي صرح بما لا يصح معه الحمل على العكس ، فحمل الحامل عدم الانفكاك على استلزام التخييلية للمكنى عنها باطل بما ذكر في المثال ، وهو أظفار المنية الشبيهة بالأسد إذ ذكر معه في بابه ، والمصنف يكفيه في البحث أن قوله : لا تنفك المكنى عنها عن التخييلية يلزم عدم صحته بما لزم على ذلك التقدير وأما ما ذكر في المجاز العقلي فهو يرد على هذا الكلام نقضا له أيضا ولا يضر اعتراض المصنف في شيء إذ هو منصرف لهذه العبارة التي صرح بها في باب الاستعارة المكني عنها والرد على ذلك الحامل صحيح حيث تأول عبارته على خلاف ظاهرها مع وجود ما ينافيها معها في بابها ، نعم لو أمكنه أن يقول : عدم الانفكاك أراد به السكاكي غير الاستلزام أصلا تأتى تصحيحه كلام السكاكي لكن لا سبيل إليه فلا بحث على المصنف إلا في حكاية الاتفاق ، وما رده على السكاكي مقتضى هذه العبارة فهو وارد على كل حال إما بالإلزام السابق كما ألزمه المصنف وإما بما صرح به هو في المجاز العقلي ، ولو لم يقصده المصنف فالسكاكي يرد عليه اعتراض المصنف