بينهما عموم من وجه ، ثم إن مقتضى ما ذكر أنه إذا أريد الحسن اجتنب كون وجه الشبه مبتذلا واجتنب كونه خفيا ، أما اجتناب الابتذال فلاشتراطه في حسن الاستعارة حسن التشبيه وحسن التشبيه باجتناب وجه الابتذال وأما اجتناب الخفاء فللفرار من الإلغاز والتعمية ، وترك الابتذال ، وإنما يحصل بالغرابة المقتضية للخفاء وترك الخفاء رجوع عن الغرابة إلى الابتذال فجاء في مقتضى الشرطين سواء قلنا إنهما شرطا حسن أو شرطا صحة تناف وتدافع ، ويجاب بأن الغرابة تقبل الشدة والضعف فيجب أن يكون الوجه من الغرابة بحيث لا يصل إلى المرتبة المقتضية للإلغاز ويكون منها بحيث لا يصل إلى مرتبة الابتذال فالمطلوب على الوجوب أو الحسن هو الغريب المتوسط بين المبتذل والخفي وهما طرفا غاية القبح أو المنع وقد تقدم تمثيل كل واحد من هذه الأقسام فافهم.
ثم أشار إلى ما يناسب ما ذكر وهو أنه إن خفي الشبه منعت أو قبحت الاستعارة وحسن التشبيه بقوله (ويتصل به) أي بما ذكر ومعنى الاتصال به أنه ينبغي أن يذكر متصلا بما ذكر للمناسبة بينهما بالتقابل لا يجاب كل منهما عكس ما أوجبه الآخر ؛ لأن ما ذكر يوجب حسن التشبيه دون الاستعارة وهذا يوجب حسن الاستعارة دون التشبيه وهذا المتصل بما ذكر هو (أنه) أي الشأن هو ما أشار إليه بقوله (إذا قوي التشبيه) أي : ما وقع به التشابه (بين الطرفين) لكثرة الاستعمال فكثرت ملاحظة ما وقع به التشابه (حتى اتحدا) أي : صارا كالمتحدين في ذلك المعنى بحيث يفهم من أحدهما ما يفهم من الآخر (كالعلم والنور و) ك (الشبهة والظلمة) فقد كثر تشبيه العلم بالنور في الاهتداء والشبهة بالظلمة في التحير حتى صار كل من المشبهين يتبادر منه المعنى الموجود في المشبه بهما ، فصارا كالمتحدين في ذلك المعنى بحيث يرى أن أحدهما ليس فيه أقوى من الآخر وإذا رؤي اتحادهما في ذلك المعنى تخيل اتحادهما في الحقيقة فيصير كتشبيه الشيء بنفسه (لم يحسن التشبيه) أي : إذا قوي الشبه بين الطرفين على الوجه المذكور لم يحسن التشبيه بينهما لإشعاره بأن أحدهما أصل والآخر فرع (و) حيث لم يحسن التشبيه (تعينت الاستعارة) بنقل