اللازم ، ويفترقان من جهة أن الكناية لا تصحبها قرينة مانعة من إرادة المعنى الأصلي بل يبقى معها جواز إرادة المعنى الأصلي.
والمجاز لا بد أن تصحبه قرينة مانعة من إرادة المعنى الأصلي ، وبهذا يخرج عن حد الكناية إذ لا يبقى معه جواز إرادة الأصل فقوله : فظهر أنها ـ أي : الكناية ـ تخالف المجاز من جهة إرادة المعنى على تقدير مضاف أي : من جهة جواز إرادة المعنى ـ كما قررناه به ـ وذلك لوجهين :
أحدهما : أن التقدير المذكور هو الذي يطابق به الكلام ما قبله ، وهو تعريف الكناية ؛ لأنه لم يتشرط في ذلك التعريف إلا جواز الإرادة لا وقوعها.
والآخر : مطابقته ما تقرر خارجا ؛ لأن الكناية وجدناها في الخارج كثيرا ما تخلو عن إرادة المعنى الحقيقي للقطع بأنه يقع صحيحا ، قولنا : فلان طويل النجاد ، وجبان الكلب ، ومهزول الفصيل على أن يكون طويل النجاد كناية عن طول القامة ويكون جبان الكلب كناية عن كثرة الوارد ؛ لأن جبن الكلب أي : عدم جراءته على من يمر به إنما ينشأ عن كثرة مرور الوارد به ، فينتقل منه إلى كثرة الوارد الدال على كثرة المضيافية ، ويكون مهزول الفصيل كناية عن الكرم والمضيافية ؛ لأن هزال الفصيل يدل على عدم وجدانه اللبن في أمه ، وهو يدل على كثرة الاعتناء بأخذ اللبن لسقيه الأضياف ، وهو يدل على الكرم والمضيافية ، ويحتمل أن يتوصل إلى المقصود في هزال الفصيل بأنه عديم الأم من ذبحها ، وإنما تذبح الأمهات من كثرة أضيافه والمآل واحد ، وإن لم يكن للموصوف بهذه الأوصاف ملزوماتها ؛ فيكنى بالأول عن ملزومه وإن لم يكن لصاحبه نجاد ، وبالثاني عن ملزومه وإن لم يكن لصاحبه كلب ، وبالثالث عن ملزومه وإن لم يكن لصاحبه فصيل ، ومثل ما ذكر مما يكون كناية ولو لم يوجد فيما استعمل فيه المعنى الأصلي أكثر من أن يحصى.
وإذا صحت الكناية بنحو هذه الألفاظ ووقعت الكناية بها مع انتفاء أصل معناها لم يصدق أنه أريد بها المعنى الحقيقي ، وإنما يصدق أنه يجوز أن يراد بها المعنى الحقيقي ، فلو لم يرد الكلام إلى الجواز خرجت نحو هذه الألفاظ عند انتفاء معانيها عن