أي : في جانبه وناحيته والمراد به هنا التعريض أي : الإشارة إلى جانبه والمعرض به هنا سيأتي أنه هو مؤذ مخصوص لا مطلق المؤذي ، بل نفى الإسلام عن مطلق المؤذي مكنى عنه ، وأما المعرض به فهو شخص معين ، ويأتي الآن تحقيق ذلك.
فقد تبين بهذا التحرير أن القسم الأول من هذين القسمين اللذين أشار إليهما المصنف وهو الثاني من الأقسام الثلاثة أعني المطلوب بها صفة لا يتصور فيه حذف الموصوف مع التصريح بالنسبة إلى الحكم ، وإنما يتصور فيه ذلك مطلقا ولذلك كان حذفه مع طلب الصفة مستلزما لحذفه مع طلب النسبة لعدم إمكان التصريح بالنسبة مع حذف المنسوب إليه أي : المحكوم عليه ، ولا يلزم من حذفه مع طلب النسبة حذفه مع طلب الصفة لصحة وجود الصفة المعنوية مع حذف الموصوف بالنسبة فلا تذكر فتطلب بالكناية كما في المثال المقول في عرض من يؤذي المسلمين فليفهم ، ثم أشار إلى تنويع السكاكي للكناية بقوله (قال السكاكي الكناية تتفاوت) أي تتنوع (إلى تعريض و) إلى (تلويح و) إلى (إشارة وإيماء) أي : تتفاوت إلى ما يسمى بهذه التسامي ، واختلف في وجه عدوله عن أن يقال تنقسم إلى قوله تتفاوت ، فقيل : إنما عبر بالتفاوت دون الانقسام ؛ لأن هذه الأمور لا تختص بالكناية ؛ لأن التعريض مثلا يكون كناية ومجازا كما يأتي ، والتلويح ، والرمز ، والإشارة يطلق كل منها على معنى غير الكناية اصطلاحا ولغة ، فلو عبر بالانقسام أفاد أن هذه الأشياء لا تخرج عن الكناية ؛ إذ أقسام الشيء أخص منه ، ونظر في هذا بوجهين :
أحدهما : أن أقسام الشيء لا يجب أن تكون أخص منه ، لصحة أن يكون بعض الأقسام أو كلها بينها وبين المنقسم عموم من وجه كما تقدم في تقسيم الأبيض إلى الحيوان وغيره ، وقد علم أن الحيوان بينه وبين الأبيض عموم من وجه لصدقهما في الحيوان الأبيض ، واختصاص الحيوان بنحو الفرس الأدهم واختصاص الأبيض بنحو العاج وكذلك غيره ، وهذا الرد لا يخلو عن ضعف فإن القسم من حيث هو قسم لا يكون إلا أخص ، وهذا هو الأصل وعمومه إنما هو باعتبار مطلق ما يصدق عليه القسم ، مع أن وجود العموم من وجه في الأقسام المعتبر مطلق مصدوقها قليل.