نجاده فالموصوف بالصفة المطلوبة وهو زيد قد ذكر ومثال ذكره في الثاني وهو المطلوب به نسبة قولهم كما تقدم أيضا :
إن السماحة والمروءة والندى |
في قبة ضربت على ابن الحشرج |
فالموصوف بنسبة السماحة والمروءة والندى وهو ابن الحشرج قد ذكر وأما مثال عدم ذكره في المطلوب به صفة والنسبة مذكورة ، فهو متعذر ضرورة استحالة نسبة لغير منسوب إليه أي : حكم على غير محكوم عليه ملفوظ أو مقدر ، فالملفوظ كقولك : زيد كثير الرماد ، والمقدر كأن يقال : ما زيد هل هو كريم أم لا؟ فيقال : كثير الرماد فكونه مذكورا لفظا أو تقديرا لا إشكال فيه ، وكونه غير مذكور أصلا ممتنع.
نعم ، مثال عدم ذكره والنسبة إليه غير مذكورة أيضا موجود كقولك : كثر الرماد في هذه الساحة فإن كثرة الرماد كناية طلب بها صفة هي المضيافية ، وإيقاع الكثرة في الساحة كناية عن ثبوت المضيافية لصاحب الساحة ولم يذكر ، ولهذا يقال عدم ذكره في القسم الثالث من الأقسام وهو الثاني من هذه أعني المطلوب به النسبة ، وقد ذكرت الصفة فيجوز وجوده بدون الثاني أعنى المطلوب به صفة لصحة وجود الصفة المعنوية بلا نسبة أي حكم على أمر وذلك (كما يقال في عرض من يؤذي المسلمين) أي : كما يقال في التعريض بمن يؤذي المسلمين (المسلم) هو (من سلم المسلمون من لسانه ويده) (١) فإن هذا كناية عن نفي صفة الإسلام عن المؤذي ، ولو ذكر لم توجد فيه الكناية عن الصفة لذكرها وهي الإسلام ؛ فالكناية عن النسبة مع عدم ذكر الموصوف لا تستلزم الكناية عن الصفة كما في المثال لوجودها ، والنسبة هنا نفي الصفة لا ثبوتها ؛ لأنه يكنى عن النسبة للصفة مطلقا أعني : ثبوتية كانت أو سلبية وهي هنا سلبية ؛ إذ هي سلب الإسلام عن المؤذي ، ووجه الكناية أن مدلول الجملة حصر الإسلام فيمن لا يؤذي ولا ينحصر فيه إلا بانتفائه عن المؤذي ، وسيأتي وجه تسمية هذه عرضية ، والعرض بضم العين وسكون الراء وربما ضمت الراء أيضا هو الجانب يقال : نظرت إليه سمن عرض أي من جانب وناحية ، ومنه الحديث الشريف : " مثلت لي الجنة في عرض هذا الحائط" (٢)
__________________
(١) أخرجه البخاري في الإيمان (١٠) ومسلم فى الإيمان (٤٠).
(٢) أخرجه البخارى فى" الفتن" (٧٠٨٩) بلفظ : " إنه صورت لى الجنة والنار حتى رأيتهما دون الحائط".