كون خلاف المراد (مما يتحمله) ذلك اللفظ بأن يكون اللفظ صالحا لما حمل عليه ولو لم يرد ، وإلا كان الحمل عبثا لا بديعا ، وحمله على الخلاف المحتمل (بذكر متعلقه) أي متعلق ذلك اللفظ والمراد بالمتعلق هنا ما يناسب المحمول عليه سواء كان متعلقا اصطلاحيا كالمفعول أو لا فالأول (كقوله :
قلت ثقلت إذ أتيت مرارا |
قال ثقلت كأهلي بالأيادي) (١) |
وبعده :
قلت طولت قال لا بل تطول |
ت وأبرمت قال حبل ودادي |
فقوله : ثقلت وقع في كلام الغير وهو بمعنى حملتك المؤنة والمشقة الباطنية والظاهرية بإتياني مرارا عديدة فحمله المخاطب فيما حكى عنه المتكلم على التثقيل على كاهلي بالأيادي والمنن بذكر متعلقه وهو المفعول مع المجرور ، أعني : قوله كاهلي بالأيادي والكاهل ما بين الكتفين والأيادي : النعم جعل إتيانه نعما عديدة حتى ثقلت كاهله ولا يخفى ما في أبرمت من مثل ما ذكر في ثقلت ؛ لأن المراد به التضييق وحمله على أحكام الوداد والتطول في البيت بمعنى الإنعام ، والثاني : وهو ما ذكر فيه المتعلق من غير أن يكون مفعولا ولا مجرورا كقوله :
لقد بهتوا لما رأوني شاحبا |
فقالوا به عين فقلت وعارض |
أرادوا بالعين إصابة العائن وحمله على إصابة عين المعشوق بذكر الملائم وهو العارض من الأسنان التي هي كالبرد ، فكأنه قال : صدقتم في عينها وعارضها لا عين العائن ووجه كون هذا الضرب من القول بالموجب ظاهر كالأول ؛ لأنه اعترف بما ذكر المخاطب لكن المعنى غير مراد ولما لم يصرح بنفي المراد صار ظاهره إقرارا بما قيل وذلك ظاهر وقد فهم من البيتين أن الحمل على خلاف المراد يكون بإعادة المحمول كما في البيت الأول ، وبدونه كما في الثاني وأما قوله (٢) :
__________________
(١) البيت للحسن بن أحمد المعروف بابن حجاج الهازل ، وقيل لمحمد بن إبراهيم الأسدى. أورده محمد بن على الجرجاني فى الإشارات ص (٢٨٧).
(٢) الأبيات منسوبة لأكثر من شاعر ، فقد نسبت لابن الرومى ، وأبى العلاء ، وهى بلا نسبة فى الإشارات ص (٢٨٨).