قرأ أولا كون مقلوب الشطر الثاني نفس قالب الأول ، ومقلوب الأول هو نفس قالب الثاني ، ليلزم عود البيت كما كان أولا ، وقد يكون القلب في المصراع كقوله :
أرانا الإله هلالا أنارا (١)
فإنك إن صيرت الألف الأخيرة الحاصلة من الوقف همزة وصيرت المقطوعة في أنارا كالوصلية وصيرت الأولى كالوقفية ، وصير المقطوعة في الإله ألفا والألف في هلالا مقطوعة كالهمزة ؛ لأن ذلك جائز كما تقدم وبدلت بعض السكنات والحركات جاء القلب تاما (و) مثاله في النثر قوله تعالى في التنزيل (كُلٌّ فِي فَلَكٍ)(٢) فإنك إن قرأته من الأخير وبدلت بعض الحركات وصيرت المشدد خفيفا والعكس لما تقدم أن المشدد في هذا الباب كالخفيف جاء القلب وكذلك قوله تعالى (وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ) (٣) وهو ظاهر ، وقد يكون القلب في المفرد كلفظ سلس وهو بفتح اللام وكسرها فالأول مصدر والثاني وصف والفرق بين تجنيس القلب وبين القلب من وجهين أحدهما أن تجنيس القلب يجب أن يذكر فيه اللفظ الذي هو المقلوب مع مقابله ، والآخر أن تجنيس القلب لا يجب أن يكون أحد المتجانسين فيه نفس مقلوب الآخر إذا قرئ من آخره كالقمر والرقم فإن الجمع بينهما تجنيس القلب ولو قرأ أحدهما من آخره على الترتيب لم يكن نفس الآخر بخلاف القلب هنا فيذكر اللفظ المقلوب وحده وحيثما قرئ من آخره كان نفسه كسلس كما تقدم وهذا في المفرد وأما في المركب فقد يذكر المقلوبان معا كما في أرانا الإله هلالا أنارا وقد تقدم في قوله مودته تدوم لكل هول لكن تجنيس القلب أكثره في المفرد مع وجوب ذكر مجانسه بخلاف القلب ، وإذا جوزنا تجنيس القلب في المركب جاز أن يدعى تصادقهما في نحو أرانا الإله هلالا أنارا لوجود المتجانسين قلبا وكلما قرئ أحدهما من أخره صار نفس الآخر تأمله.
__________________
(١) البيت في شرح المرشدى على عقود الجمان (٢ / ١٦٣).
(٢) يس : ٤٠.
(٣) المدثر : ٣.