مدينة ـ فلما لم يتيسر له معنى مطابق لمقتضى الحال واقع في نفس الأمر يكون اللفظ فيه بليغا أنشأ العزل بلا سبب لقاضي تلك البلدة فكتب إليه أيها القاضي بقم قد عزلناك فقم ففطن القاضي بأنه لا غرض في المعنى وأنه لا يناسب حاله وحال الملك فصار الكلام فيه كالهزل فقال القاضي والله ما عزلني إلا هذه السجعة فإن قلت عند تقدير الحال نظير الحاضرة فإنشاء ما يطابقها كإنشاء ما يطابق الحاضرة فلا فرق بين الحالين قلت : هناك اعتباران أحدهما : أن يفرض الحال أولا فكأنه يقول : كيف تخاطب من وقع له كذا؟ فلا شك أن من له قوة على الأحوال التقديرية على هذا الوجه عموما تكون له في الوقائع الحاضرة غالبا ، والآخر إيجاد اللفظ ثم يفرض له ما يطابق ولو لم يقع ، وهذا هو الأسهل كما وقع للملك مع القاضي ، وبهذا يعلم أن الحريري لا ينبغي أن يقال إن عجزه لما ذكر بل الغالب أن ذلك لحياء عرض أو نحو ذلك وإلا فالأقرب أنه إنما كان يأتي بما يناسب بعض التقدير الذي هو بمنزلة الإتيان للحالة الراهنة فافهم.