الآخذ بزمام قلب المنادى ، ووصفه بأنه الساري ؛ لأنه مشتمل على سواد كسواد الليل فكأنه سار بالليل وبالعجول ؛ لأن فيه تظهر عجلة المسرع ، وقوله : ترفقن هو فعل أمر بنون توكيد خفيف من الترفق وهو الاستمساك بالرفق ، وأما مثال تضمين البيت مع التنبيه على أنه لغير المضمن فكقوله :
إذا ضاق صدري وخفت العدا |
تمثلت بيتا بحالي يليق |
|
فبالله أبلغ ما أرتجي |
وبالله أدفع ما لا أطيق (١) |
وأما مثاله بدون التنبيه لأجل وجود الشهرة فكقوله :
كانت بلهنية الشبيبة سكرة |
فصحوت واستبدلت سيرة مجمل |
|
وقعدت أنتظر الفناء كراكب |
عرف المحل فبات دون المنزل (٢) |
فإن البيت الثاني مشهور لمسلم بن الوليد الأنصاري ، والبلهنية بضم الباء سعة العيش ورخاء الحال ، وربما اجتمع الأمر أن التنبيه والشهرة فيكون التنبيه كالتأكيد وذلك كقوله :
كأنه كان مطويا على إحن |
ولم يكن في قديم الدهر أنشدني |
|
إن الكرام إذا ما أسهلوا ذكروا |
من كان يألفهم في المنزل الخشن (٣) |
والإحن الضغائن والشحناء.
ثم تضمين أقل من البيت قد يكون مع تمام المعنى بلا تقدير كما تقدم في : أضاعوني وأي فتى أضاعوا ، وقد يكون بتقدير ويسمى تضمينا أيضا كقوله :
كنا معا أمس في بؤس نكابده |
والعين والقلب منا في قذى وأذى |
|
والآن أقبلت الدنيا عليك بما |
تهوى فلا تنسنى أن الكرام إذا (٤) |
__________________
(١) البيتان لعبد القاهر بن الظاهر التميمى ، فى شرح المرشدى (٢ / ١٨٨).
(٢) فى شرح المرشدى (٢ / ١٨٨).
(٣) شرح المرشدى على عقود الجمان (٢ / ١٨٨) ، وهما لابن العميد ، والإيضاح ص (٣٥٤).
(٤) البيتان فى شرح المرشدي (٢ / ١٨٩).