يعنى : إذا ما أسهلوا ذكروا إلى آخر بيت أبي تمام السابق ، ولا بد من تقديره ليتم المعنى ، ولكن لا يعدون هذا من تضمين البيت ، ولو توقف المعنى على تمامه نظرا إلى أن الموجود بعضه.
(وأحسنه) أي : وأحسن التضمين (ما زاد على الأصل) أي : على شعر الشاعر الأول (بنكتة) لم توجد في ذلك حيث ضمن شطرا مثلا لا يفيد نكتة في الكلام الأول زائدة على ما كان فهو أدنى من هذا ، وبه يعلم أن منشأ الحسن هو كون المزيد لنكتة ، وإلا فالزيادة على المضمن لا بد منها ، فلم يحترز بمطلق الزيادة عن شيء ، وإنما احترز بكونها لنكتة زائدة على ما كان فالمحترز عنه هو الزيادة لغير ذلك ، وتلك النكتة (كالتورية) وقد تقدم أنها مرادفة للإيهام ، وأن معناهما أن يكون للكلام معنى بعيد وقريب ، ويراد البعيد لقرينة ، وقد تقدم الفرق بينه وبين المجاز في مادة يكون فيه اللفظ مجازا.
(و) ك (التشبيه) الموجودين (في قوله : إذا الوهم أبدى لي) أي : أظهر لي (لماها) أي : حمرة شفتيها (وثغرها) أي : فاها ، وهو من عطف الكل على وصف الجزء (تذكرت) جواب (إذا ما بين) مفعول تذكرت (العذيب وبارق) وأراد بالعذيب الذي هو تصغير العذب شفة المعشوقة ، وبالبارق فاها وثغرها الشبيه بالبرق في لمعان أسنانه ، والذي بينهما هو ما يمص من ريقها ، وهذا الشطر أعنى قوله تذكرت إلخ شطر بيت لأبي الطيب المتنبي ، وسيأتي في البيت الثاني شطره الآخر والبيت قوله :
تذكرت ما بين العذيب وبارق |
مجر عوالينا ومجرى السوابق (١) |
فالعذيب وبارق قصد بهما المتنبي موضعين معلومين ، وذلك هو معناهما القريب المشهور ، وقد تقدم ما أراده المضمن من معناهما البعيد ؛ لأنه أدنى في الشهرة من مراد المتنبي ، فكان في كلام المضمن تورية وإيهام ، حيث أطلق اللفظين وأراد بهما معناهما البعيد ، فهذا البيت تضمن التورية ، ثم أشار إلى ما يتضمن نكتة التشبيه بقوله (ويذكرني)
__________________
(١) البيت لزكى الدين بن أبى الأصبع ، فى الإشارات ص (٣١٨) ، وشرح المرشدى على عقود الجمان (٢ / ١٨٩).