وإن كان مصدرا فيكون التقدير تذكرت جر العوالي وإجراء السوابق حين وقع ذلك الجر والإجراء بين العذيب وبارق.
(ولا يضر) في التضمين (التغيير اليسير) بل يسمى إدخال ما هو من شعر الغير في شعر الإنسان على الوجه المذكور تضمينا ، ولو وقع فيه تغيير يسير ؛ لقصد انتظامه ودخوله بالمناسبة في معنى الكلام بذلك التغيير اليسير ؛ لتوقف تضمينه على وجه المناسبة للمراد على ذلك التغيير ، واحترز بذلك من التغيير الكثير فإنه يخرج به المضمن عن التضمين ويدخل في حد السرقة إن عرف أنه للغير ، والفرق بين اليسير والكثير موكول إلى عرف البلغاء فما يقال فيه : هو ذاك بعينه ولا فرق بينهما إلا هذا الأمر الخفيف الظاهر فيسير ، وما يقال فيه : ليس هو لمخالفته إياه في أمور تبعده فكثير ، فالتغيير اليسير الذي لا يخرج به الشيء عن التضمين ، كما في قول الشاعر في يهودي أصابه داء الثعلب وهو داء يتناثر منه الشعر :
أقول لمعشر غلطوا وغضوا |
عن الشيخ الرشيد وأنكروه |
|
هو ابن جلا وطلاع الثنايا |
متى يضع العمامة تعرفوه (١) |
فالبيت الثاني لسحيم بن وثيل بنفسه وهو قوله :
أنا ابن جلا وطلاع الثنايا |
متى أضع العمامة تعرفوني (٢) |
ولم يغير فيه إلا التكلم بالغيبة كما رأيت ، ومراد الشاعر الأول الافتخار وأنه ابن رجل جلا أمره واتضح ، وأنه متى يضع العمامة للحرب ، وتوجه له يعرف قدره في الحرب ونكايته بناء على أن المراد بالعمامة ملبوس الحرب ، أو متى يضع لثامه يعرف لشهرته ومراد الثاني التهكم باليهودي ، وأنه ابن شعر أي : صاحب شعر جلا الرأس منه وانكشف عن الرأس وأنه طلاع الثنايا أي : ركاب صعاب الأمور وهى مشاق داء الثعلب ومشاق الذل والهوان ، ومراده الرشيد الغوي على وجه التهكم وبكونه متى
__________________
(١) في الإيضاح ص (٣٥٦) ، وشرح عقود الجمان (٢ / ١٨٩).
(٢) فى شرح المرشدى (٢ / ١٨٩) ، والإيضاح ص (٣٥٦).