والحديث عقد بلا قيد ، ونظم القرآن أو الحديث إنما يكون عقدا ـ إن نبه على أنه من القرآن أو الحديث أو غير ـ كثيرا ، وإلا فنظمهما اقتباس خارج عن العقد ، وقد تقدم ، فمثال العقد في القرآن لكونه نبه على أنه منه قول بعضهم :
أنلني بالذي استقرضت خطا |
وأشهد معشرا قد شاهدوه |
|
فإن الله خلاق البرايا |
عنت لجلال هيبته الوجوه |
|
يقول إذا تداينتم بدين |
إلى أجل مسمى فاكتبوه (١) |
وقد نبه على أنه من القرآن بقوله : يقول.
ومثاله في الحديث للتنبيه مع التغيير الكثير ؛ لأنه لا منافاة بينهما فصح أن يجمعهما مثال واحد ، قول الشافعي رضي الله تعالى عنه :
عمدة الخير عندنا كلمات |
أربع قالهن خير البريه |
|
اتق الشبهات وازهد ودع ما |
ليس يعنيك واعملن بنيه (٢) |
فقد عقد قوله صلىاللهعليهوسلم" الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهات من تركها سلم ، ومن أخذها كان كالراتع حول الحمى يوشك أن يقع فيه" (٣) وقوله صلىاللهعليهوسلم" ازهد في الدنيا يحبك الله ، وازهد فيما في أيدي الناس يحبك الناس" (٤) ، وقوله صلىاللهعليهوسلم" من حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه" (٥) ، وقوله صلىاللهعليهوسلم" إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى" (٦) ولا يخفى ما يقابل كل حديث من الكلمات الشعرية على هذا الترتيب كما لا يخفى ما
__________________
(١) الأبيات فى شرح المرشدى (٢ / ١٩١) ، والإيضاح ص (٣٥٦).
(٢) شرح المرشدى (٢ / ١٩١) ، وهما من قول أبى الحسن طاهر بن معوذ الإشبيلى ، وليسا للإمام الشافعى على ما زعم بعضهم ، الإيضاح ص (٣٥٧).
(٣) أخرجاه في الصحيحين.
(٤) رواه ابن ماجه ، والطبرانى ، والحاكم ، والبيهقى ، وانظر صحيح الجامع الصغير وزيادته. للشيخ الألباني (ح ٩٢٢).
(٥) رواه الترمذى وغيره هكذا ، وقال حديث حسن.
(٦) رواه البخاري (ح ١) ، ومسلم (٤ / ٥٧١).