والكتاب الثاني ـ وهو الأهم ـ هو حصول مؤلف كتابنا على مسودة مذكرات تاريخية للفقيه المؤرخ عبد الله بن عمر بن عبد الله بامخرمة المتوفى سنة ٩٧٢ وقد أراد بها التذييل على تاريخ عمه المؤرخ الطيب عبد الله بن عبد الله بن أحمد بامخرمة المتوفى سنة ٩٤٧ المسمى «قلائد النحر في وقائع الدهر» الذي انتهى فيه إلى سنة ٩٢٧ ه. وهذه المذكرات لا يذكرها أحد من المؤرخين في ترجمة المذكور ، وإنما علمنا بها من كتابنا هذا ، بل إن الفقيه عبد الله بن عمر بامخرمة لم يعرف كمؤرخ وإنما اشتهر بين الناس كفقيه ضليع ، وهو صاحب الفتاوي الفقهية المشهورة بين العلماء والمعروفة بالفتاوي الهجرانية. وله مؤلفات فقهية أخرى. وقد صرح المؤلف رحمهالله أنه ينقل عن هذه المذكرات التي يسميها التقييدات وقد بدأ النقل منها من حوادث سنة ٩٠٨ فما بعدها ، وهذا يدلّ على أن بامخرمة الثاني لم يكن يذيّل على تاريخ عمه ، وإنما كان يجمع تاريخا مستقلا به. لأن تاريخ قلائد النحر لبامخرمة ينتهي إلى حوادث سنة ٩٢٧ كما أسلفنا فيكون عمل ابن أخيه عمل آخر ، وإن كنا نجد صاحب تاريخ الشحر هذا يرجع في النقل في حوادث السنوات الأولى من القرن العاشر حتى سنة ٩٢٧ إلى تاريخ قلائد النحر ونجد عباراته بالنص دون زيادة أو تغيير ، إلّا أن يكون بامخرمة الثاني قد استوعب تاريخ عمه في حوادث هذه السنوات وأضافها إلى ما قام به ، والله أعلم.
وحفظ كتابنا هذا لمذكرات المؤرخ الفقيه عبد الله بن عمر بامخرمة المتوفى سنة ٩٧٢ يعتبر ثروة ثمينة تعطي الكتاب هذا أهمية قصوى لأن هذه المذكرات حوت معلومات تاريخية معاصرة لكاتبها تتعلق بأخبار عدن والشحر وحضرموت لا توجد في كتاب غيره ، وتجد المؤلف ينقل تلك المذكرات بحرفية وسذاجة أحيانا ، فهو ربما نقل نص المؤرخ بامخرمة بصيغة المتكلم كما هو موجود عنده فيقول بامخرمة ـ مثلا ـ متحدثا عن حجه سنة ٩٤٦ : «وفي سلخ ذي الحجة عزمنا للحج إلى بيت الله الحرام